للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانت الأحرار أهلي ومنصبي ... ودافع ضيمي خازم وابن خازم

عطست بأنف شامخٍ وتناولت ... يداي السما قاعداً غير قائم

قال: فجعل مروان يستحسن ذلك ويقول لأبي: إنك لا تدري ما يقول هذا الغلام!.

قال إسحاق: دخلت على هارون الرشيد، فقال لي: يا إسحاق أنشدني شيئاً من شعر؛ فأنشدته: من الطويل

وآمرة بالبخل قلت لها: اقصدي ... فذلك شيء ما إليه سبيل

قال الخطيب: كذا رأيته بخط ابن حيويه اقصدي بالدال.

أرى الناس خلان الجواد ولا أرى ... بخيلاً له في العالمين خليل

وإني رأيت البخل يزري بأهله ... فأكرمت نفسي أن يقال: بخيل

ومن خير حالات الفتى لو علمته ... إذا نال شيئاً أن يكون ينيل

عطائي عطاء المكثرين تكرماً ... ومالي كما قد تعلمين قليل

وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل

فقال: لا، كيف؟ إن شاء الله، يا فضل أعطه مئة ألف درهم، ثم قال: لله در أبيات تأتينا بها يا إسحاق ما أجود أصولها، وأحسن فصولها؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، كلامك أحسن من شعري؛ فقال: يا فضل أعطه مئة ألفٍ أخرى.

قال إسحاق: فكان ذلك أول مالٍ اعتقدته.

عن أبي العيناء قال: قال لي الأصمعي يوماً: لقيني إسحاق الموصلي، فقال لي: ما تقول في قول الشاعر: من الخفيف

هل إلى نظرة إليك سبيل ... يرو منها الصدى ويشفي الغليل

إن ما قل منك يكثر عندي ... وكثير من المحب القليل

فقلت له: هذا والله الديباج الخسرواني، وأعجبت به؛ فقال لي: إنه ابن ليلته، أي أنا قلته البارحة؛ فخجلت وقلت له: لا جرم، إن أثر التوليد فيه؛ قال: لا جرم، إن أثر الحسد فيك.

<<  <  ج: ص:  >  >>