للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى تبوك وبينها للمسلمين ووافق ذلك عندي بعيرين، فرأيت أني قوي على الخروج، فتجهز رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمون، وأغدو أنا لأتجهز، فوا لله لكأنما أربط فأرجع وما قطعت شعرة وعندي بعيران، وأنا أرى أني قوي على الخروج إذا أردت. فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمون، ثم ذهبت أنظر، فإذا ما أرى رجلاً تخلف إلا رجلاً مغموصاً عليه في دينه، غير أني قد رأيت رجلين من الأنصار صحيحين كدت أسكن إليهما: هلال بن أمية الواقفي ومرارة العمري، حتى إذا أيست من الخروج قلت: أعتذر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رجع.

قال ابن إسحاق:

ثم خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الخميس، واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري. فلما خرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضرب عسكره على ثنية الوداع، ومعه زيادة على ثلاثين ألفاً من الناس، وضرب عبد الله بن أبي عدو الله على ذي حدة عسكراً أسفل منه نحواً من كذا وكذا، وما كان فيما يزعمون بأقل العسكرين. فلما سار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، وخلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علي بن أبي طالب عليه السلام على أهله وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلفه إلا استثقالاً له وتخففاً منه، فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو نازل بالجرف، فقال: يا رسول الله، زعم المنافقون أنك إنما خلفتني تستثقلني وتخفف مني. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فأخلفني في أهلي وأهلك، ألا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي، فرجع إلى المدينة، ومضى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسفره.

وعن كعب بن مالك قال: لم أتخلف عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عزوة غزاها، حتى كانت غزوة تبوك إلا بدراً ولم يعاتب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحداً تخلف عن بدر، إنما خرج يريد العير فخرجت قريش مغوثين لعيرهم، فالتقوا عن غير موعد كما قال الله عز وجل. ولعمري إن أشرف مشاهد

<<  <  ج: ص:  >  >>