رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الناس لبدر، وما كنت أحب أني شهدتها مكان بيعتي ليلة العقبة حيث توافقنا على الإسلام، ولم أتخلف بعد عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة غزاها، حتى كانت غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها، فأذن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة عدوهم، وذلك حين طاب الظلال وظابت الثمار، فكان قلما أراد غزوة إلا ورى بغيرها، وكان يقول: الحرب خدعة، فأراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك أن يتأهب الناس أهبته، وأنا أيسر ما كنت، قد جمعت راحلتين، وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد وخفة الحاذ، وأنا في ذلك أصغوا إلى الظلال وطيب الثمار. فلم أزل كذلك حتى قام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غادياً بالغداة، وذلك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس.
وعن محمد بن مسلم الزهري قال: ثم غزا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غزوة تبوك وهو يريد الروم وكفار العرب بالشام، حتى إذا بلغ تبوك أقام بها بضع عشرة ليلة ولقيه بها وفد أذرح ووفد أيلة، فصالحهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الجزية، ثم قفل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تبوك ولم يجاوزها.
وفي حديث غيره فبينما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم في جهازه في غزوة تبوك إذ قال للجد بن قيس: يا جد، هل لك في بنات بني الأصفر؟ قال: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقد علم قومي أنه ليس من أحد أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخاف إن رأيت نساء بني الأصفر أن يفتني، فائذن لي يا رسول الله. فأعرض عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: قد أذنت، فأنزل الله تعالى " ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا " يقول: ما وقع فيه من الفتنة بتخلفه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورغبته بنفسه عن نفسه أعظم مما يخاف من فتنة نساء بني الأصفر " وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " يقول لمن وراءه. وقال رجل من جملة المنافقين: لا تنفروا في الحر. فأنزل الله عز وجل: " قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا