للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الذي خبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تعبئة أصحابه ودنوه إلى أدنى الشام باطلاً لم يرد ذلك ولم يهم به، وشاور رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه في التقدم، فقال عمر بن الخطاب: إن كنت أمرت بالمسير فسر، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو أمرت به ما استشرتكم فيه، قال: يا رسول الله. فإن للروم جموعاً كثيرة وليس بها أحد من أهل الشام، وقد دنوت منهم حيث ترى، وقد أفزعهم دنوك، فلو رجعت هذه السنة حتى ترى أو يحدث الله تعالى لك في ذلك أمراً.

وعن معاذ بن جبل قال:

إنهم خرجوا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام غزوة تبوك، فكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، فأخر الصلاة يوماً ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً. ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً ثم قال: إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك. وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي، قال: فجئناك وقد سبق إليها رجلان، والعين مثل الشراك، تبض بشيء من ماء فسألهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل مسستما من مائها شيئاً قالا: نعم. فسبهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول، ثم غرفوا من العين بأيديهم قليلاً قليلاً حتى اجتمع في شيء، ثم غسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه وجهه ويديه، ثم أعاده فيها، فجرت العين بماء كثير، فاستقى الناس. ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملئ جناناً.

وعن سعيد بن أبي راشد مولى لآل معاوية قال: قدمت الشام فقيل لي: في هذه الكنيسة رسول قيصر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فدخلنا الكنيسة فإذا أنا بشيخ كبير: فقلت له: أنت رسول قيصر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: نعم. قلت: حدثني عن ذلك. قال: إنه لما غزا تبوكاً كتب إلى قيصر كتاباً وبعث به مع رجل يقال له دحية بن خليفة. فلما قرأ كتابه وضعه معه على سريره، وبعث إلى بطارقته ورؤوس أصحابه فقال: إن هذا الرجل ق بعث إليكم رسولاً، وكتب إليكم كتاباً يخيركم إحدى ثلاث: إما أن تتبعوه على دينه، أو تقروا له بخراج يجري عليكم ويقركم على هيئتكم في بلادكم، أو أن تلقوا إليه بالحرب. قال فنخروا نخرة حتى خرج بعضهم من برانسهم وقالوا: لا نتبعه على دينه، وندع ديننا ودين آبائنا، ولا نقر له

<<  <  ج: ص:  >  >>