قال: فنخسني بمرفقه فقال: ويحك، رأيت أجسر من هذا، ينشد مثل هذا الشعر في هذا الموضع؟ حتى بلغ إلى هذا الموضع:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلا له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزت الأرض أثقالها
ولو لم تطعه بنات النفو ... س لما قبل الله أعمالها
قال: فقال بشار: انظر ويحك يا أشجع، هل طار الخليفة عن فرشه؟ قال: لا: والله ما انصرف أحد من ذلك المجلس بجائزة غير أبي العتاهية.
وعن أحمد بن سيار الجرجاني وكان شاعراً راوية مداحاً ليزيد بن مزيد قال: دخلت أنا وأبو محمد التيمي، وأشجع بن عمرو، وابن رزين الخزاعي، على الرشيد بالقصر الأبيض بالرقة، وكان قد ضرب أعناق قوم في تلك الساعة، فتخللنا الدم حتى وصلنا إليه، فتقدم التيمي فأنشده أرجوزة يذكر فيها نقفور ووقعة الرشيد بالروم، فنثر عليه الدر من جودة شعره؛ ونشده أشجع: من الكامل
قصر عليه تحية وسلام ... ألقت عليها جمالها الأيام
قصر سقوف المزن دون سقوفه ... فيه لأعلام الهدى أعلام
يثني على أيامك الإسلام ... والشاهدان: الحل والإحرام
وعلى عدوك يا ابن عم محمد ... رصدان: ضوء الصبح والإظلام
فإذا تنبه رعته وإذا هدا ... سلت عليه سيوفك الأحلام