فيمن أزره من بني القين وبني عمرو، وارتد معاوية فيمن أزره من سعد هذيم. فكتب أبو بكر إلى امرئ القيس بن فلان وهو جد سكينة بنت الحسين رضي الله عنهما فثار بوديعة، وإلى عمرو فأقام لزميل وإلى معاوية العذري فأقام لمعاوية، فلما توسط أسامة بلاد قضاعة بث الخيول قبلهم، وأمرهم أن ينهضوا من أقام على الإسلام إلى من رجع عنه، فخرجوا هراباً حتى أرزوا إلى دومة، واجتمعوا إلى وديعة، ورجعت خيول أسامة إليه فمضى فيها أسامة حتى أغار على الحمقتين، فأصاب في بني الضبيب من جذام. وفي بني حيليل من لخم ولفها من القبيلتين. وجازهم من آبل، ثم انكفأ سالماً غانماً.
وعن عروة قال: لما فرغوا من البيعة واطمأن الناس قال أبو بكر لأسامة: امض لوجهك الذي بعثك له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فكلمه رجال من المهاجرين والأنصار، وقالوا: أمسك أسامة وبعثه، فإنا نخشى أن تميل علينا العرب إذا سمعوا بوفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال أبو بكر وكان أحزمهم أمراً: أنا أحبس جيشاً بعثهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! لقد اجترأت على أمر عظيم، والذي نفسي بيده لأن تميل علي العرب أحب إلي من أن أحبس جيشاً بعثهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. امض يا أسامة في جيشك للوجه الذي أمرت به. ثم اغز حيث أمرك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ناحية فلسطين، وعلى أهل مؤتة، فإن الله سيكفي ما تركت، ولكن إن رأيت أن تأذن لعمر بن الخطاب فأستشره واستعن به، فإنه ذو رأي ومناصح للإسلام فافعل، ففعل أسامة. ورجع عامة العرب عن دينهم وعامة أهل المشرق وغطفان وبنو أسد وعامة أشجع، ومسكت طيء بالإسلام. وقال عامة أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أمسك أسامة وجيشه ووجههم نحو من ارتد عن الإسلام من غطفان وسائر العرب، فأبى ذلك أبو بكر أن يحبس أسامة، وقال: إنكم قد علمتم أنه قد كان من عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إليكم في المشورة فيما لم تمض من نبيكم فيه سنة، ولم ينزل عليكم به كتاب، وقد أشرتم. وسأشير عليكم. فانظروا أرشد ذلك فائتمروا به. فإن الله لن يجمعكم عن ضلالة. والذي نفسي بيده. ما أرى من أمر أفضل في