أسامة: يا خليفة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لتركبن أو لأنزلن. فقال: والله لا تنزل، ووالله لا أركب. وما علي أن أغير قدمي ساعة في سبيل الله. فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبع مئة حسنة، تكتب له، وسبع مئة درجة ترفع له، وتمحى عنه سبع مئة خطيئة. حتى إذا انتهى قال له: إن رأيت أن تعينني بعمر بن الخطاب، فافعل. فأذن له. وقال: يا أيها الناس، فقوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحو شاة ولا بقرة، ولا بعيراً إلا لمآكله. وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له. وسوف تقدمون على أقوام يأتونكم بآنية فيها ألوا الطعام، فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها. وسوف تلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فاخفقوهم بالسيوف خفقاً. اندفعوا باسم الله. أفناكم الله بالطعن والطاعون.
وفي رواية:
فلما ثقل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقاموا حتى شهدوه. فلما فرغوا أنفذه أبو بكر رضي الله عنه على ما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخرج أبو بكر إلى الجرف فاستنفر أسامة وبعثه، وسأله عمر فأذن له، وقال له: اصنع ما أمر به نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابدأ ببلاد قضاعة ثم ائت آبل، ولا تقصرن في شيء من أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا تعجلن لما خلفت عن عهده، فمضى أسامة مغذاً على ذي المروة، والوادي. وانتهى إلى ما أمره به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بث الخيول في قبائل قضاعة والغارة على آبل، فسلم وغنم، وكان فراغه في أربعين يوماً سواى مقامه ومقيله راجعاً.
وحدث زيد بن أسلم قال: مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعماله على قضاعة: على كلب امرؤ القيس بن الأصبغ الكلبي من بني عبد الله. وعلى القين عمرو بن الحكم. وعلى سعد هذيم معاوية بن فلان الوائلي. فارتد وديعة الكلبي فيمن آزره من كلب، وبقي امرؤ القيس على دينه وارتد زميل بن قطبة القيني