فسرنا حتى برزنا من أصحابنا ساعة ثم قال: هيا صخر! قلت: ما تشاء؟ قال: حدثني عن عتبة بن ربيعة أيجتنب المظالم والمحارم؟ قلت: إي والله، قال: ويصل الرحم ويأمر بصلتها؟ قلت: إي والله.
قال: وكريم الطرفين وسيط في العشيرة؟ قلت: نعم.
قال: فهل تعلم قرشياً أشرف منه؟ قلت: لا والله لا أعلمه.
قال: أمحوج هو؟ قلت: لا بل هو ذو مال كثير.
قال: وكم أتى عليه من السن؟ قلت: قد زاد على المائة.
قال: فالشرف والسن والمال أزرين به.
قلت: ولم ذاك يزري به؟ لا والله بل يزيده خيراً.
قال: هو ذلك، هل لك في المبيت؟ قلت: هل لي فيه؟ قال: فاضطجعنا حتى مر الثقل، قال: فسرنا حتى نزلنا في المنزل، وبتنا به، ثم رحلنا منه، فلما كان الليل قال لي: يا أبا سفيان، قلت: ما تشاء؟ قال: هل لك في مثل البارحة؟ قلت: هل لي فيه؟ قال: فسرنا على ناقتين بختيتين حتى إذا برزنا قال: هيا صخر هيه عن عتبة بن ربيعة، قلت: هيهاً فيه، قال: أيجتنب المظالم والمحارم ويصل الرحم، ويأمر بصلتها؟ قلت: إي والله إنه ليفعل.
فقال: وذو مال؟ قال: أتعلم قرشياً أسود منه؟ قلت: لا والله ما أعلمه.
قال: كم أتى له من السن؟ قلت: قد زاد على المائة، قال: فإن السن والشرف والمال أزرين به.
قلت: كلا والله ما أزرى به ذاك، وأنت قائل شيئاً فقله.
قال: لا تذكر حديثي حتى يأتي منه ما هو آتٍ، ثم قال: فإن الذي رأيت أصابني أني جئت هذا العالم، فسألته عن أشياء، ثم قلت: أخبرني عن هذا النبي الذي ينتظر قال: هو رجل من العرب.
قلت: قد علمت أنه من العرب فمن أي العرب هو؟ قال: من أهل بيت يحجه العرب.
قلت: وفينا بيت يحجه العرب؟! قال: هو من إخوانكم من قريش، قال: فأصابني والله شيء ما أصابني مثله قط، وخرج من يدي فوز الدنيا والآخرة وكنت أرجو أن أكون إياه.
فقلت: فإذا كان ما كان فصفه لي، قال: رجل شاب حتى دخل في الكهولة، بدوّ أمره يجتنب المظالم والمحارم ويصل الرحم ويأمر بصلتها، وهو محوج كريم الطرفين متوسط في العشيرة، أكثر جنده الملائكة.
قلت: وما آية ذلك؟ قال: قد رجفت الشام منذ هلك عيسى بن مريم عليه السلام ثلاثين رجفة كلها مصيبة وبقيت رجفة عامة فيها مصائب.
قال أبو سفيان: قلت له: هذا والله الباطل.
لئن بعث الله رسولاً لا يأخذه إلا