قال أمية: والذي حلفت به إن هذا لهكذا يا أبا سفيان، تقول إن قول النصراني حق.
هل لك في المبيت؟ قلت: هل لي فيه؟ قال: فبتنا حتى جاءنا الثقل، ثم خرجنا حتى إذا كنا بيننا وبين مكة ليلتان أدركنا راكب من خلفنا، فسألناه، فإذا هو يقول أصابت أهل الشام بعدكم رجفةٌ، دمر أهلها وأصابتهم فيها مصائب عظيمة.
قال أبو سفيان: فأقبل علي أمية فقال:: كيف ترى قول النصراني يا أبا سفيان؟ قلت: أرى والله وأظن أن ما حدثك صاحبك حق.
قال: فقدمنا مكة، فقضيت ما كان معي ثم انطلقت حتى جئت اليمن تاجراً، فكنت بها خمسة أشهر، ثم قدمت مكة، فبينا أنا في منزلي جاءني الناس، يسلمون علي، ويسألون عن بضائعهم، ثم جاءني محمد بن عبد الله، وهند عندي تلاعب صبيانها، فسلم علي ورحب بي وسألني عن سفري ومقامي، ولم يسلني عن بضاعته، ثم قام فقلت لهند: والله إن هذا يعجبني، ما من أحد من قريش له معي بضاعة إلا قد سألني عنها، وما سألني هذا عن بضاعته، فقالت لي هند: وما علمت شأنه؟ قلت وفزعت: ما شأنه؟ قالت: يزعم أنه رسول الله، فوقذتني، وذكرت قول النصراني فوجمت حتى قالت هند: ما لك؟ فانتبهت فقلت: إن هذا لهو الباطل، لهو أعقل من أن يقول هذا.
قالت: بلى والله إنه ليقول ذلك، ويواتى عليه وإن له لصحابة على دينه.
قلت: هذا الباطل.
قال: وخرجت فبينا أنا أطوف بالبيت لقيته فقلت: إن بضاعتك قد بلغت كذا وكذا وكان فيها خير فأرسل فخذها ولست آخذ منك فيها ما آخذ من قومي، فأبى علي وقال: إذاً لا آخذها.
فأرسلت: فأرسل فخذها وأنا آخذ منك ما آخذ من قومي.
فأرسل إلى بضاعته فأخذها، وأخذت منه ما كنت آخذ من غيره ولم أنشب أن خرجت إلى اليمن، فقدمت الطائف، فنزلت على أمية بن أبي الصلت، فقلت له: يا أبا عثمان، قال: ما تشاء؟ قلت: هل تذكر حديث النصراني؟ قال: أذكره.
قلت: فقد كان.
قال: ومن؟ قلت: محمد بن عبد الله.
قال: ابن عبد المطلب؟ قلت: ابن عبد المطلب، ثم قصصت عليه خبر هند.
قال: فالله يعلم لتصبب عرقاً، ثم قال: والله يا أبا سفيان لعله أن صفته لهي، ولئن ظهر وأنا حي لآتلين إلى الله في نصره عذراً.