للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودخل الآخر فوقع عليه فشق الواقع عليه ما بين قصته إلى عانته، ثم أدخل يده في جوفه فأخرج قلبه فوضعه في كفه ثم شمه، فقال له الطائر الأعلى: أوعى؟ قال: وعى.

قال: أزكا؟ قال: أبى، ثم رد القلب إلى مكانه، فالتأم الجرح أسرع من طرفة عين، ثم ذهبا، فلما رأيت ذلك دنوت منه فحركته، فقلت: هل تجد شيئاً؟ قال: لا، إلا توصيباً في جسدي وقد كنت ارتعت مما رأيت، فقال لي: ما لي أراك مرتاعة؟ قالت: فأخبرته الخبر، فقال: خير أريد بي ثم أصرف عني، فأنشأ يقول من أبيات: " من المنسرح "

باتت همومي تسري طوارقها ... أكف عيني والدمع سابقها

مما أتاني من اليقين ولم ... أوت براةً يقص ناطقها

أمن تلظى عليه واقدة النار محيطٌ بهم سرادقها

أم أسكن الجنة التي وعد ال ... أبرار مصفوفةٌ نمارقها

لا يستوي المنزلان ثم ولا ال ... أعمال لا تستوي طرائقها

قالت: فلما انصرف إلى رحله لم يلبث إلا يسيراً حتى ظعن في جنازته، فأتاني الخبر، فانطلقت إليه، فوجدته منعوشاً قد سجي عليه، فدنوت منه فشهق شهقة وشق بصره ونظر نحو السقف ورفع صوته: لبيكما ها أنذا لديكما لا ذو مال فيفديني ولا ذو أهل فيحميني، ثم أغمي عليه، إذ شهق شهقة، قلت: قد هلك الرجل فشق بصره نحو السقف ورفع صوته فقال: " من مجزوء الرجز "

<<  <  ج: ص:  >  >>