حيان، فبينما هما ماران في مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إذا هما بهرم بن حيان قائماً يصلي، فانتظراه، فلما انصرف سلما عليه فرد عليهما السلام، ثم قال لهما: من أين جئتما؟ قالا: جئنا من عند أويس القرني وهو يقرئك السلام، وهو يقول لك: إني أرجو أن تكون رفيقي في الجنة قال: فلم يزل هرم بن حيان في طلب أويس، فبينا هو في الكوفة مارٌّ على شاطئ الفرات؛ إذا هو برجل أصهب، مقرون الحاجبين، أدعج العينين، يغسل طمرين له من الصوف، فدنا منه هرم بن حيان فقال: السلام عليك ورحمة الله يا أويس، فأجابه بمثل ذلك من السلام وقال له: يا هرم بن حيان، قال له هرم: كيف الزمان عليك؟ قال له أويس: كيف الزمان على رجل إذا أصبح يقول: لا أمسي، ويمسي يقول: لا أصبح، يا أخا مراد إن الموت وذكره لم يترك للمؤمن فرحاً، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يترك للمؤمن صديقاً، فقال له هرم: يا أويس أما معرفتك أن عمر وعلياً وصفاك لي فعرفتك بصفتهما فأنت من أين عرفتني؟ قال له أويس: إن الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف، وما تناكر في الله اختلف، قال له أويس: يا هرم اتل علي آيات من كتاب الله عز وجل، فتلا عليه هذه الآية:" وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين " قال: فخرّ أويس مغشياً عليه، فلما أفاق قال له هرم: إني أريد أن أصحبك وأكون معك، فقال له أويس: لا يا هرم، ولكن إذا مت لا يكفني أحد حتى تأتي أنت، فتكفني، وتدفني، ثم إنهما افترقا، ولم يزل هرم بن حيان في طلب أويس حتى دخل مدينة من مدائن الشام يقال لها: دمشق؛ فإذا هو برجل ملفوف في عباءةٍ له، ملقى في صحن المسجد، فدنا منه فكشف العباءة عن وجهه؛ فإذا هو بأويس قد توفي، فوضع يده على أم رأسه، ثم قال: واأخاه! هذا أويس القرني مات ضائعاً، فقالوا له: من أنت يا عبد الله؟ ومن هذا؟ فقال: أما أنا فهرم بن حيان المرادي، وأما هذا فأويس القرني ولي الله، قالوا: فإنا قد جمعنا له ثوبين نكفنه فيهما، فقال لهم هرم: ما له بثمن ثوبيكم حاجة، ولكن يكفنه هرم بن حيان من ماله: قال: فضرب هرم بيده إلى مزود أويس فإذا هو بثوبين لم يكن له بهما عهد عند رأس أويس على أحدهما مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، براءة من الله الرحمن الرحيم لأويس القرني من النار، وعلى الآخر