للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدل لا تزل به النعل، ولا يعرنك الجبن ولك الحق، فإنكم خير داعية وأوثق، قال له عبد الرحمن: كذبت يا عدو الله، والله لأقتلنك، قال: فأين اللعان قال: وكيف الاقان لمن كذب وفجر والله لاقتلنك أو لتظاهرني عليه.

قال له: أصلح الله الأمير.

إنما أنا رسول.

قال: هو ما أقول لك، فلما رأى أنه غير منتهٍ عنه تابعه وأقام معه يصدر له كتبه إلى الحجاج.

فجمع له عبد الرحمن الناس فأصعده على المنبر، فقام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس إن الأمر الذي يدعوكم الحجاج إليه لم ينزل من السماء، ولم تقم به الخطباء ولم تسنه الأنبياء، ولم تصدر به إلينا من قبله كتب.

ثم نزل، فلم يلبث أن قتل عبد الرحمن وهزم الحجاج الناس، فبعث في طلب الفار، فأتي بابن القرية أسيراً، فلقيه عنبسة بن سعيد، فقال له: أيوب! قال: أيوب، فما وراءك؟ قال: ورائي أنك مقتول، قال: كلا.

إني قد أعددت للأمير كلمات صغاراً صلاباً كركب وقف قد قضين من حاجة وطراً، وقد استقبلن سفراً، قال: هو ما أقول لك.

فلما أدخل على الحجاج تجاهل عليه.

فقال: من أنت؟ قال: أنا أيوب.

قال: يا أيوب ألم تكن في خمول من الدعة، وعدمٍ من المال، وكدرٍ من العيش، وتضعضعٍ من الهيئة، ويأسٍ من بلوغ ما بلغت، فوليتك ولاية الوالد ولم أكن لك والداً، ووليتك ولاية الراجي عندك الخير ولم أرج عندك خيراً، ووليتك ولاية الجاري باليد ولم يكن عندي يد، وأجرتك بها ثم قمت عند عبد الرحمن فقلت: إن الأمر الذي يدعوكم إليه الحجاج لم ينزل من السماء ولم ولم، والله لتعلمنّ يا بن القرية أن قتلك قد نزل من السماء.

قال له: أصلح الله الأمير.

إني قد أتيت إنساناً في مسك شيطان يتهددني بتخونه ويقهرني بسلطانه، فنطق اللسان بغير ما في القلب، والنصيحة لك ثابتة، والمودة لك باقية.

قال: صدقت يا عدو الله، فلم كنت كاذباً وكان قلبك منافقاً وأردت كتمان ما كان الله معلنه منك، وإخفاء ما كان الله يعلمه من سريرتك، وكيف علمك بالأرض؟ قال: علمي بها كعلمي ببيتي، قال: فأخبرني عن الهند.

قال: بحرها درٌ، وترابها مسك، وحطبها عود، وورقها عطر.

قال: فأخبرني عن مكة.

قال: تمرها دقل، ولصها بطل، إن كثر الجند بها جاعوا: وإن قلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>