بها ضاعوا.
قال: فأخبرني عن عمان.
قال: حرها شديد، وصيدها عتيد، يشدون الجلوف وينزلون الطفوف، وكأنهم بهائم ليس لهم راع، قال فأخبرني عن اليمامة. قال: أهل جفاء وطيرة ونكد قال: فأخبرني عن البصرة.
قال: ماؤها مالح، وشربها سانح، مأوى كل تاجر، وطريق كل عابر.
قال: فأخبرني عن واسط.
قال: جنة بين حماةٍ وكنة.
قال: وما حماتها وما كنتها؟ قال: البصرة والكوفة، ودجلة والفرات يحقران شأنها وينقصان الخير عنها.
قال: فأخبرني عن الكوفة.
قال: ارتفعت عن البحر، وسفلت عن الشام، فطاب ليلها، وكثر خيرها.
قال: فأخبرني عن المدينة.
قال: رسخ العلم فيها ووضح، وسناؤها قد طفح.
قال: فأخبرني عن مكة.
قال: رجالها علماء وفيهم جفاء، ونساؤها كساةٌ كعراة.
قال: فأخبرني عن اليمن.
قال: أصل العرب.
وأهل بيوتات الحسب.
قال: فأخبرني عن مصر.
قال: عروس نسوة، كلهن يزفها.
قال: وما ذاك بها؟ قال: فيها الثياب وإليها الأموال.
قال: فأمر به فحبس عشراً، ثم أخرجه يوم العيد، فأقعده إلى جانب المنبر، ثم صعد الحجاج فخطب الناس ونزل، ثم دعا به والناس مجتمعون على الموائد، فكفوا عن الطعام، وأقبلوا يستمعون ما يكون من محاورتهما.
فقال له الحجاج: يا بن القرية.
كيف رأيت خطبتي؟ قال: أصلح الله الأمير، أنت أخطب العرب.
قال: عزمت عليك إلا صدقتني.
قال: تكثر الرد، وتشير باليد، وتقول أما بعد.
قال له: ويلك! أو ما تستعين أنت بيدك في كلامك؟ قال: لا أصل كلامي بيدي حتى يضيق علي لحدي يوم أقضي نحبي.
قال: علمت أني قاتلك؟ قال: ليستبقني الأمير أكن له كما كنت عليه قبل أنا في طاعته أشد مبالغة وفي مناصحته أشد نصرة، قال له: هيهات، هيهات، كذبت نفسك، وساء ظنك، وطال أملك، وكان أملك مع سوء عملك الموت قبل ذلك ثم دعا بحربة فجمع بها يده ثم هزها، فجزع أيوب من ذلك جزعاً شديداً.
فقال: أصلح الله الأمير، دعني أتكلم بكلمات صعاب صلاب كركب وقف قد قضين من حاجة وطراً، وقد استقبلن سفراً، يكن مثلاً بعدي.
قال: هاتهن إنهن لن ينجيك مني.
قال: أصلح الله الأمير.
إن