للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن قدامة: لقي بشراً الحافي رجلٌ سكران، فجعل يقبله ويقول: يا سيدي يا أبا نصر، ولا يدفعه بشرٌ عن نفسه، فلما ولى تغرغرت عينا بشرٍ وقال: رجلٌ أحب رجلاً على خيرٍ توهمه، لعل المحب قد نجا والمحبوب لا يدري ما حاله.

وكان بشر يقول: إذا أحب الله عز وجل أن يتحف العبد، سلط عليه من يؤذيه.

وكان يقول: لا خير فيمن لا يؤذى.

وكان يقول: الصبر الجميل الذي لا يشكو فيه إلى الناس.

وكان يقول: من لم يحتمل الغم والأذى لم يدخل فيما يحب.

قال عبيد الله الوراق:

خرجت يوم جمعةٍ مع بشر بن الحارث إذ دخل المسجد وعليه فروٌ مقطع فرده العون، فذهبت لأكلمه، فمنعني، فجاء فجلس عند قبة الشعراء فقلت له: يا أبا نصر لمَ لم تدعني أكلمه؟ قال: اسكت، سمعت المعافى بن عمران يقول: سمعت سفيان الثوري يقول: لا يذوق العبد حلاوة الإيمان، حتى يأتيه البلاء من كل مكان.

قال محمد بن المثنى: انصرفت مع بشر بن الحارث في يوم أضحى من المصلى، فلقي خالد بن خداش المحدث، فسلم عليه، فقصر بشرٌ في السلام، فقال خالد: بيني وبينك مودة من أكثر من ستين سنة، ما تغيرت عليك، فما هذا التغير؟ فقال بشر: ما هاهنا تغيرٌ ولا تقصير، ولكن هذا يومٌ يستحب فيه الهدايا، وما عندي من عرض الدنيا شيءٌ أهدي لك، وقد روي في الحديث: أن المسلمين إذا التقيا كان أكثرهما ثواباً أبشهما بصاحبه.

فتركتك لتكون أفضل ثواباً.

كان ببغداد رجلٌ من التجار، وكان كثيراً ما يقع في الصوفية، قال: فرئي

<<  <  ج: ص:  >  >>