وعن حصين قال: كنت مع عمارة صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في يوم عيد مع بشر بن مروان، قال: فرفع يديه بالدعاء، قال: فقال عمارة: قبح الله هاتين اليدين القصيرتين، لقد رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما يزيد أن يشير بإصبعه.
قال حصين: أول من أذن له في العيد بشر بن مروان.
ولما قتل عبد الملك مصعب بن الزبير، ودخل الكوفة، صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني قد استعملت عليكم رجلاً من أهل بيتٍ لم يزل الله عز وجل يحسن إليهم في ولايتهم، أمرته بالشدة والغلظة على أهل المعصية، وباللين على أهل الطاعة، فاسمعوا وأطيعوا، وهو بشر بن مروان، وخلفت معه أربعة آلاف من أهل الشام، منهم روح بن زنباع الجذامي، ورجاء بن حيوة الكندي.
وكان بشر يشرب باليل وينادم قوماً من أهل الكوفة، فقال لندمائه ليلةً: إن هذا الجذامي يمنعني من أشياء أريد أن أعطيكموها.
فقال له رجل مولىً لبني تميم: أنا أكفيكه.
فكتب على باب القصر ليلاً:" من البسيط "
إن ابن مروان قد حانت منيته ... فاحتل لنفسك يا روح بن زنباع
إن الدنانير لا تغني مكانكم ... إذا نعاك لأهل الرملة الناعي
فلما أصبحوا قرأ ذلك الناس، فبلغ ذلك روحاً؛ فجاء إلى بشر فقال: ائذن لي فإن أهل العراق أصحاب توثب، فجعل بشر يتمنع عليه وهو يشتهي أن يخرج، فأذن له.
فلما قدم على عبد الملك جعل يخبره عن أهل العراق فيقول له عبد الملك: هذا من جبنك يا أبا زرعة، فاستخلف عبد الملك على البصرة خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن العيص بن أمية، ثم عزله وولى بشر بن مروان البصرة مع الكوفة؛ فأتاه الكتاب بولاية البصرة وهو يشرب الدواء الكبير، فقال له الأطباء: إن هذا دواء نريد أن تودع نفسك بعده،