لها الشيخ: ما تقولين؟ قالت: إن أجابني إلى خصلةٍ واحدة تزوجت به! قال الملك: وما هي؟ قالت: لا تسألني عن شيءٍ أعمله لمَ عملته، فإني لا آلوه نصحاً؛ فمتى سألني عن شيءٍ فعلته لمَ فعلته فهو طلاقي، ولا يراني أبداً، فأجابه الملك إلى ذلك وأحضر الملك إخوانه من الجن وأقاربه، وعقد نكاح ابنته، وسار الملك إلى قصره وحملت إليه ودخل بها وجليت عليه، فكانت كل يوم تتصور له في صورةٍ جديدة، وثيابٍ جدد، وحلي جديد، ثم حملت منه؛ وكان للملك ذي رعين سبعون بنتاً وما رزق ابناً قط، وهو يشتهيه ويتمناه، فلما تم حملها ولدت ابناً من أحسن البنين، فبشر الملك بذلك فسر سروراً عظيماً وفتح بيوت الأموال للصدقات والجوائز، وقطعت ثياب الخلع للأمراء والقواد، وصنعت السروج، وأعد الطعام كل أسبوع؛ فوثبت إلى الابن فذبحته، وإلى الطعام فأراقته، وإلى الخلع والسروج فضرمت فيها النار؛ ولما بلغ ذلك الملك غضب غضباً شديداً وهم بقتلها وقام ليسألها لمَ صنعت ذلك؛ فقال له وزيره: كيف حبك لها؟ قال: ما أحببت شيئاً قط كحبي لها، ولو غابت عن بصري حسبت التلف على نفسي، فقال: أيها الملك، لا تلم إلا نفسك إذا تزوجت جنيةً ليست من جنسك ولا تحبك ولا تشفق عليك، ولعلها تبغضك وتريد فراقك ففعلت هذا! لتسلها فتخرج من قصرك فيكون ابن الملك قد مات ويزول عن الملك من يحبه ويهواه فلا يطيق فراقه ويعطيها مناها، فقال الملك: أما بغض فما تبغضني لأني أتتني محبتها لي وشفقتها علي.
وتوقف الملك عن مسألتها، وهي مع ذلك متحننة على الملك غير مقصرة عن خدمته والتذلل له، فلما طهرت من نفاسها واقعها الملك فحملت، فلما تم حملها ولدت بنتاً، ولا شيء أبغض إليه من البنات إذ له سبعون بنتاً، فلما ولدتها أرسلت إليه: أيها الملك افتح بيوت الأموال وصدق وهب وأعط، وادع الأمراء والقواد؛ فلما وصلت إليه الرسالة لم يملك نفسه من الغضب أن صار إليها فقال: ما هذه؟ أنا لم يجئني ابنٌ قط، فلما جاءني سررت به ذبحته وحرمتني إياه، فلما جاءتني ابنةٌ وأنا لها كاره أمرتني بالفرح والسرور وهو عندي حزن؛ فما الذي دعاك إلى ذبح ابني ومهجة قلبي؟! فلما قال لها ذلك أسبلت عينها بالدموع والبكاء، ولطمت وجهها وهتكت ثيابها وحلقت شعرها وقالت: أيها الملك طلقتني بعد صحبة خمس سنين، وما أحببت شيئاً قط حبي إياك، فكان هذا جزائي منك أو أملي فيك! ثم قالت: أيها الملك، اعلم أني ذبحت ابني ومهجة قلبي في هواك ومحبتك، وذلك أن والدي الذي رأيته ممن