للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسترق السمع من السماء، فلما ولدت الابن عرج أبي إلى السماء فسمع الملائكة يقولون: إن الله قد قضى على ابنك أنه إن عاش حتى يبلغ الحلم يذبحك على فراشك، فمن شدة حبي لك آثرتك على ابني ورأيت أن أذبحه صغيراً ولا يكبر، فيدخل قلبي من محبته ما أعاونه عليك، ولقد وجدت عليه مثلما تجد الوالدة على ولدها، إلا أني رأيت نار أطفئت، كل ذلك محبة للمك، وأما الثياب والسروج التي حرقتها والطعام الذي أهرقته فإن لي ابن عمٍّ كان مسمى علي، فلما صرت إليك حسدني وعاداني، فلما ولدت الابن جاء ابن عمي فسمّ الطعام والثياب والسروج ليهلك الملك ورجاله؛ فلذلك فعلت الذي فعلت، فلما ولدت هذه الابنة صعد والدي إلى السماء فاسترق السمع فسمع الملائكة يتحدثون أن هذه البنت أبرك بنتٍ ولدت على وجه الأرض، وأشرفه وأجله، وإنها وارثة ملكك بعد أن يغصبه غاصبٌ ليس من أهله، فهي التي ترتج منها البلاد، وتملك اليمن وحضرموت والحجاز ويجل سلطانها ويعظم شأنها حتى يكون تحت يدها ألف أمير، وتحت يد كل أميرٍ ألف قائد، تحت يد كل قائدٍ ألف جندي، وإنه يتزوج بها نبيٌ يكون في زمانها يقال له سليمان، تسمع له الجن والإنس والشياطين والسحاب والرياح ويسخر ذلك كله له ويسمعون ويطيعون أمره، ويفهم كلام الوحش والطير، فيكون بيده نصف الأرض فاستوص أيها الملك بها خيراً إذ حرمتني قربها، وانظر كيف تكون لها بعدي، فلن تراني أبداً ولن أراك بعد يومي هذا.

ثم غابت عن بصره.

وعن ابن عباس قال:

كان سليمان إذا سار في ملكه فالإنس عن يمينه، والجن عن يساره، والشياطين بين يديه، والوحوش خلفه، والطير تظله والريح تحمله؛ وكان دليله على الماء في المفاوز الهدهد، فإذا احتاجوا إلى الماء جاء الهدهد فشم الأرض ثم نقر بمنقاره، فيحفر الماء على وجه الأرض، فبينما سليمان يسير بين المشرق والمغرب في مفازة احتاج الجنود إلى الماء، وكان الهدهد غائباً، فشكت الجنود العطش إلى آصف - وكان صاحب أمر سليمان - فقال: أيها الملك إن الجنود قد عطشوا ولا ماء، فرفع سليمان رأسه فنظر إلى الطير ففقد الهدهد فقال: " مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين " فقالت الطير: هو من الغائبين، فغضب سليمان فقال: بعد عني وأنا في المفازة معي الجنود " لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو

<<  <  ج: ص:  >  >>