صادقاً فإن الله معه، ومن يكن الله معه يغلب، وإن كان نبياً ثم سرنا إليه أهلكنا بجنود الله، وإن سار إلينا فوطئنا بمن معه من الجنود كان فساد بلادكم وأهل ملتكم، ولكني باعثةٌ إليه بهدية، فإن كان سليمان ملكاً يرضى بالدنيا ويريدها، فإنه سيرضى منا بالهدايا واللطف، وإن كان نبياً فإنه لا يرضى دون أنى نأتيه مسلمين أو مقهورين، فإن كان نبياً أتيناه مسلمين أحب إلينا من أن يطأ بلادنا، فقال القوم: فأمرك عندنا طاعة؛ فبعثت إليه بثلاث لبناتٍ من ذهب في كل لبنةٍ مائة رطل من ذهب، وياقوتةٍ حمراء طولها شبر، مثقوبة، وثلاثين وصيفاً قد حلقت رؤوسهم، وثلاثين وصيفةً قد حلقت رؤوسهن، وكتبت إليه: إني قد بعثت إليك بهديةٍ فاقبلها؛ وبعثت إليك بياقوتةٍ طولها شبر مثقوبة فأدخل فيها خيطاً ثم اختم على طرفي الخيط بخاتمك؛ وبعثت إليك بثلاثين وصيفاً وثلاثين وصيفةً تميز الغلمان من الجواري ولا تجرد منهم أحداً.
فلما فصلت الرسل من عندها جاء دمرياط - وكان أميراً على الشياطين - فقال لسليمان: إن بلقيس قد بعثت إليك بثلاث لبناتٍ من ذهب، وياقوتةٍ حمراء، وثلاثين وصيفاً وثلاثين وصيفةٍ؛ فقال سليمان لدمرياط: افرشوا لي من باب مجلسي إلى طريق القوم ثمانية أميالٍ في ميل عرضاً لبن ذهب، فبعث دمرياط الشياطين فقطعوا من الجبال الملس، فموهوه بالذهب، ففرشوا من باب سليمان الطريق للرسل ثمانية أميالٍ في ميلٍ عرضاً، ونصبوا على جنبتي الطريق أساطين من ياقوتٍ أحمر، فلما جاءت الرسل فنظروا إلى الذهب والياقوت! فقال بعضهم لبعض: أن ننطلق إلى هذا الرجل بثلاث لبناتٍ من ذهب وعنده من الذهب ما قد فرش به الطريق!؟ فقال رئيسهم إنما نحن رسل نبلغ ما أرسل به معنا؛ فمضوا حتى دخلوا على سليمان، فقرأ كتاب بلقيس، ووضعوا اللبنات بين يديه فقال:" أتمدوننّ بمال " إلى " تفرحون " قال: تفرحون بثلاث لبنات ذهب؟! انطلقوا فخذوا ما رأيتم ثلاثمائة أو ثلاثة آلاف أو ثلاثين ألفاً أو ثلاث مائة ألف أو ثلاثة آلاف ألف، فقالوا: أيها الملك إنما نحن رسل، فأمر بقبض اللبنات، ثم دعا بالياقوتة فأخذ ذرةً فربط فيها خيطاً ثم أدخلها في ثقب الياقوت حتى خرجت من الجانب الآخر، ثم جمع طرفي الخيط ثم ختم عليه، ثم دعا بتورٍ من ماء، فوضعوه، ثم أمر أولئك الوصفاء أن يتوضؤوا واحداً واحداً فميزهم