ثم قالوا: تحبها؟ قلت: بهراً ... عدد الرمل والحصى والتراب
سلبتني محاجر الماء عقلي ... فسلوها بما يحل اغتصابي
ثم قال للغلام: انطلق بهذا الكتاب إلى ابن أبي العتيق بالمدينة؛ فلما قرأ ابن أبي عتيق الكتاب قال: أنا والله رسوله إليها، فسار من فوره لا يعلم به أهله حتى قدم مكة، فأتى منزل عمر، فوجده غائباً، فنزل عن دابته وركب دابة لعمر، وقال لغلامه: دلني على منزل الثريا؛ فمضى معه، فلما انتهى إلى منزلها وجدها قد خرجت إلى البادية على رأس أميالٍ من مكة، فخرج نحوها، فلما دنا من الحي صهل البرذون، فعرفت الثريا صوته، فقالت لجواريها: هذا برذون الحبيب، ثم دعت براحلة، فرحلتها وركبتها وخرجت تلقاه، فإذا هي بابن أبي عتيق، فقالت: مرحباً، قد آن لك أن نراك يا عم ما جاء بك؟ قال: أنت والعاشق جئتما بي، فقالت: أما والله لو بغيرك تحمل ما أجبناه وليس لك مدفع امرر بنا نحوه.
قال فأقبل نحو منزل عمر وقد كان بعض غلمانه صار إليه فأعلمه أن رجلاً قد صار إليهم من صفته كذا وكذا، قال: ويحك هو ابن أبي عتيق اسبقني إليه فقل له: هذا مولاي يأتيك الساعة.
ثم انصرف مسرعاً فصار إلى منزله فسأل عن ابن أبي عتيق فأخبر أنه قد توجه إلى الثريا، فلم يلبث إلا يسيراً حتى وافاه ابن أبي عتيق، فخرج إليه فقبل يديه ورجليه، ثم قال: انزل جعلني الله فداك، فقال ابن أبي عتيق: مكة علي حرام إن أقمت بها ساعتي هذه، ثم دعا بدابته فتحول عنها، وشخص إلى المدينة راجعاً.