قال الشعبي: كان الحطيئة وكعب عند عمر رضي الله عنه فأنشد الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس
فقال كعب: هي والله في التوراة، لا يذهب العرف بين الله وبين خلقه.
أراد الحطيئة المضي إلى بعض ملوك اليمن لقصيدة كان امتدحه، فأمر أهله فشدوا رحله على ناقته، ثم ركبها وأنشأ يقول:
عدي السنين إذا خرجت لغنية ... ودعي الشهور فإنهن قصار
فأجابته بنية له في الخدر فقالت:
اذكر تحنننا إليك وضعفنا ... وارحم بناتك إنهن صغار
قال: فحط رحله وأمسك عن ذكر الأسفار.
نزل الحطيئة برجل من العرب ومعه ابنته مليكة، فلما جنه الليل سمع غناء فقال لصاحب المنزل: كف هذا عني، قال له: وما تكره من ذلك؟ فقال: إن الغناء رائد من رائدة الفجور، ولا أحب أن تسمعه هذه - يعني ابنته - فإن كففته، وألا خرجت عنك.
قالت مليكة بنت الحطيئة لأبيها: ما أصارك إلى القصار في الشعر بعد الطوال؟ قال: لأنها في الآذان أولج، وفي المحافل أجول، وعلى القلوب أسهل، وبأفواه الرجال أعلق.
قال حماد الراوية: أفضل بيت روي من أشعار العرب بيت الحطيئة حيث يقول:
يقولون تستغني ووالله ما الغنى ... من المال إلا ما يعفو وما يكفي