وأنشد أحمد بن عباد التميمي للحطيئة يعدد محاسن قوم، قيل: إنه يعني آل منظور بن زبان بن سيار بن عمر الفزاريين:
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا ... وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها ... وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا
يسوسون أحلاماً بعيداً أناتها ... وإن غضبوا جاء الحفيظة والحقد
أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم ... من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
لما نزل بعبد الله بن شداد الموت، دعا ابناً له يقال له محمد فأوصاه، وكان فيما أوصاه أن قال: يا بني أرى دواعي الموت لا تقلع، ومن مضى لا يرجع، ومن بقي فإليه ينزع. وإني أوصيك بوصية فاحفظها: عليك بتقوى الله، وليكن أولى الأمر بك الشكر لله وحسن الثناء عليه في السر والعلانية، واعلم أن الشكور مزيد والتقوى خير زاد، فكن يا بني كما قال الحطيئة العبسي:
ولست أرى السعادة جمع مال ... ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد ذخراً ... وعند الله للأتقى مزيد
وما لا بد أن يأتي قريب ... ولكن الذي يمضي بعيد
كان سبب هجائه للزبرقان أنه صادفه بالمدينة وكان قدمها على عمر، فقال الحطيئة: وددت أني أصبت رجلاً يحملني وأصفيه مديحي وأقتصر عليه. قال الزبرقان: قد أصبته، تقدم على أهلي فإني على إثرك. فتقدم فنزل بحماه، وأرسل الزبرقان إلى امرأته أن أكرمي مثواه. وكانت ابنته مليكة جميلة، فكرهت امرأته مكانها فظهرت منها لهم جفوة - وبغيض بن عامر بن لأي بن شماس - أحد بني قريع بن عوف، ينازع يومئذ الزبرقان الشرف، والزبرقان أحد بني بهدلة بن عوف، أرسخ في الشرف من الزبرقان،