جائزة جرير خمسة عشر ألفاً كل سنة. فقال عبد الملك: وله مثلها من مالي. فقبضها وخرج.
قال مروان بن أبي حفصة: جلس عبد الملك بن مروان يوماً للناس على سرير، وعند رجل السرير محمد بن يوسف أخو الحجاج بن يوسف، وجعل الوفود يدخلون عليه ومحمد بن يوسف يقول: يا أمير المؤمنين هذا فلان، هذا فلان، إلى أن دخل جرير بن الخطفى فقال: يا أمير المؤمنين هذا جرير بن الخطفى، قال فلا حيا الله القاذف المحصنات، العاضة لأعراض الناس، فقال جرير: يا أمير المؤمنين، دخلت فاشرأب الناس نحوي، ودخل قوم فلم يشرأب الناس إليهم، فقدرت أن ذلك لذكر جميل ذكرني به أمير المؤمنين. فقال عبد الملك: لما ذكرت لي قلت: لا حيا الله القاذف المحصنات، العاضة لأعراض الناس. فقال جرير: والله يا أمير المؤمنين، ما هجوت أحداً حتى أخبره غرضي سنة، فإن أمسك أمسكت، وإن أقام استعنت عليه وهجوته. فقال: هذا صديقك أبو مالك سلم عليه لهو الأخطل، فاعتنقه وقال: والله يا أمير المؤمنين، ما هجاني أحد كان هجاؤه علي أشد من أمك. قال جرير: صدقت وخنازير أمك. فقال عبد الملك: أحضروا جامعة، فأحضرت، وغمز الوليد الغلام أن تأخر بها. فقال عبد الملك للأخطل: أنشد فأنشد:
تأبد الربع من سلمى بأحفار ... وأقفرت من سليمى دمنة الدار
حتى ختمها. فقال له عبد الملك: قضينا لك أنك أشعر من مضى ومن بقي.
واستأذنت قيس عبد الملك في أن ينشد جرير فأبى، ولم يزل مقيماً دهراً يلتمس إنشاد عبد الملك، وقيس تشفع له، وعبد الملك يأبى إلى أن أذن له يوماً فأنشد: