فقال له عبد الملك: بل فؤادك يا بن اللخناء. فلما اتهى إلى قوله:
تعزت أم حزرة ثم قالت ... رأيت الموردين ذوي لقاح
تعلل وهي ساغبة بنيها ... بأنفاس من الشبم القراح
فقال عبد الملك: لا أروى الله غلمتها. فلما انتهى إلى قوله:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
قال عبد الملك: من مدحنا فليمدحنا هكذا. فلما ختمها أمره بإعادتها، فلما أنشد:
أتصحوا أم فؤادك غير صاح.............
لم يقل له ما قال في المرة الأولى. فلما ختمها، أمر له بمئة ناقة بأداتها ورعاتها. فقال جرير: يا أمير المؤمنين، اجعلها من إبل كلب - وإبل كلب سود كرام - فأجابه.
حدث محمد بن خطاب الأزدي أن الأخطل أنشد عبد الملك بن مروان وجرير خلفه:
وإني لقوام مقاوم لم يكن ... جرير ولا مولى جرير يقومها
فقال: أجل، صدق والله إنه ليقوم إلى الخمر فيشربها، وإلى الخنزير فيذبحه، وإلى الصليب فيقبله ويسجد له، وما أفعل ذلك ولا مولاي.
دخل جرير على بشر بن مروان والأخطل جالس عنده، فقال له بشر: أتعرف هذا يا أبا حزرة؟ قال: لا، فمن هو؟ قال الأخطل: أنا الذي شتمت عرضك، وأسهرت ليلك، وآذيت قومك، أنا الأخطل. فقال له جرير: أما قولك: شتمت عرضك، فما يضر البحر أن يشتمه من غرق فيه، وأما قولك: أسهرت ليلك، فلو تركتني