نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضرب الله وجوه أعدائه ومنح أكتافهم، وأنزل الله تعالى ملائكة يضربون وجوههم حتى ولوا المسلمين أكتافهم.
وقال سعيد بن المسيب عن أبيه أنه قال: لما جلنا هذه الجولة سمعنا صوتاً قد كاد يملأ العسكر يقول: يا نصر الله اقترب، الثبات الثبات يا معشر المسلمين، فتعطفنا عليه فإذا هو أبو سفيان بن حرب تحت راية ابنه، وشد خالد في سرعان الناس معه يقتلون كل قتلة، وركب بعضهم بعضاً حتى انتهوا إلى مكان مشرف على أهوية فأخذوا يتساقطون فيها، وهم لا يبصرون، وهو يوم ذو ضباب. وقيل: كان ذلك في الليل. فأخذ آخرهم لا يعلم ما يلقى أولهم، يتساقطون فيها حتى سقط فيها نحو من ثمانين ألفاً فما أحصوا إلا بالقصب.
وبعث أبو عبيدة شداد بن أوس ابن أخي حسان بن ثابت بعدهم، بعد ذلك اليوم بيوم واحد، فوجد من سقط في تلك الأهوية حتى عدهم بالقصب ثمانين ألفاً، يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً، وسميت تلك الأهوية الواقوصة من يومئذ حتى اليوم لأنهم وقصوا فيها، وأخذوا وجهاً آخر، وقتل المسلمون في المعركة بعدما أدبروا ما لا يحصى. وغلبهم الليل فبات المسلمون. فلما أصبحوا نظروا فإذا هم لا يرون في الوادي شيئاً، فقالوا: كمن أعداء الله لنا، فلما بعثوا الخيول في الوادي تنظر هل لهم من كمين أو نزلوا بوطاء من الأرض، فإذا الرعاة يخبرونهم أنهم قد سقطوا في الواقوصة. فسألوا عن عظم الروم فقالوا: قد ترحل منهم البارحة نحو من أربعين ألفاً. ثم اتبعهم خالد بن الوليد على الخيل فقتلهم حتى مر بدمشق فخرج إليه رجال من أهل دمشق فاستقبلوه، فقالوا: نحن على عهدنا الذي كان بيننا وبينكم فقال لهم: نعم أنتم على عهدكم، ثم اتبعهم فقتلهم في القرى وفي كل وجه، حتى قدم دمشق فخرج إليه أهلها فسألوه التمام على ما كان بينهم ففعل، ومضى خالد يطلب عظم الناس حتى أدركهم بغوطة دمشق. فلما انتهوا إلى تلك الجماعة من الروم، وأقبلوا يرمونهم بالحجارة من فوقهم فتقدم إليهم الأشتر وهو في رجال من المسلمين فإذا أمامهم رجل من الروم جسيم عظيم، فمضى إليه حتى وثب عليه فاستوى هو والرومي على صخرة مستوية فاضطربا بسيفهما فأطن لأشتر كف الرومي، وضرب الرومي الأشتر بسيفه فلم يضره، واعتنق كل واحد منهما صاحبه فوقعا على الصخرة ثم انحدرا وأخذ الأشتر يقول وهو في ذلك ملازم العلج