للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتركه: " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ". فلم يزل يقول ذلك حتى انتهى إلى مستوى في الجبل وقرار. فلما استقر وثب على الرومي فقتله وصاح في الناس أن جوزوا.

قال: فلما رأت الروم أن صاحبهم قد قتل خلوا الثنية وانهزموا. وكان الأشتر ذا بلاء حسن في اليرموك. قالوا: لقد قتل ثلاثة عشر. فركب خالد والمسلمون الثنية، ثم انحطوا مشرقين وأنكوا في سائر البلاد يطلبون أعداء الله في القرى والجبال، حتى وصلوا إلى حمص فخرج إليهم أهل حمص يسألونهم التمام على عهدهم وعقدهم وحريتهم، ففعل بهم خالد ما فعل بأهل دمشق، وأقام بها ينتظر رأي أبي عبيدة، ولما سار خالد بن الوليد من اليرموك في إثر من انهزم وقع أبو عبيدة في دفن المسلمين حتى غيبهم وكفاه دفن الكفار بالواقوصة التي وقعوا فيها، وقد كان مما يعملون أن يدفنوا الكفار بعد ما يدفنون المسلمين فكفاه الله الكفار بالواقوصة التي وقعوا فيها. فكتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب يصف له أمرهم.

وكان أبو بكر قد سمى لكل أمير من أمراء الشام كورة، فسمى لأبي عبيدة بن عبد الله بن الجراح حمص، وليزيد بن أبي سفيان دمشق، ولشرحبيل بن حسنة الأردن، ولعمرو بن العاص ولعلقمة بن مجزز فلسطين، فإذا فرغا منها ترك علقمة وسار إلى مصر. فلما شارفوا إلى الشام دهم كل أمير منهم قوم كثير، وأجمع رأيهم أن يجتمعوا بمكان واحد وأن يلقوا جمع المشركين بجمع المسلمين.

قالوا: ولما رأى المسلمون خيل الروم قد توجهت للهرب أفرجوا لها ولم يحرجوها، فذهبت فتفرقت في البلاد، وأقبل خالد والمسلمون على الرجل يفضهم، فكأنما هدم بهم حائطاً فاقتحموا في خندقهم، واقتحموا عليهم فعمدوا إلى الواقوصة حتى هووا فيها، المقترنون وغيرهم، فمن صبر للقتال هوى به من جشعت نفسه فيهوي الواحد بالعشرة ولا يطيقونه. وكلما هوى اثنان كان البقية عنهم أضعف، وكان المقترنون أعشاراً فتهافت في الواقوصة عشرون ومئة ألف، ثمانون ألف مقترن وأربعون ألف مطلق، سوى من قتل في المعركة،

<<  <  ج: ص:  >  >>