بديلاً؟ فقال له الحجاج: نفعل أيها الشيخ. فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير؟ قال: لا. قال: هذا عمير بن ضابئ البرجمي، الذي يقول أبوه:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
ودخل هذا الشيخ على عثمان مقتولاً، فوطئ بطنه فكسر ضلعين من أضلاعه. فقال: ردوه، فلما رد قال الحجاج: أيها الشيخ، هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بديلاً يوم الدار! إن قتلك أيها الشيخ صلاح للمسلمين. يا حرسي اضربا عنقه.
فجعل الرجل يضيق عليه بعض أمره فيرتحل، وبأمر وليه أن يلحقه بزاده.
حدث عمران الضبعي أنه رأى في منامه كأن الحجاج بن يوسف على بغل، وكأنه على حائط كلس، وكأنه يستف التراب، قال: فقصها على غير واحد من أصحابه، فكلهم يقول خيراً حتى قصها على أبي قلابة، فقال له: هاتها ما كانت. فقال أبو قلابة: أما البغل فليس في الدواب أطول عمراً من البغل، وأما حائط كلس فليس في البناء أثبت من كلس، وأما سفه التراب فأكله أموالكم.
قال حفص بن النضر السلمي: خطب الحجاج الناس يوماً فقال: أيها الناس، الصبر عن محارم الله أشد من الصبر على عذاب الله. فقام إليه رجل فقال: يا حجاج، ويحك ما أصفق وجهك وأقل حياءك! تفعل ما تفعل، ثم تقول مثل هذا. فأمر به فأخذ، فلما نزل عن المنبر دعا به فقال له: لقد اجترأت علي. فقال له: يا حجاج، أنت تجترئ على الله قلا تنكره على نفسك، وأجترئ أنا عليك فتكثره علي! فخلى سبيله.
قال الهيثم بن عدي: دخل الأبي بن الإباء على الحجاج بن يوسف فقال: أصلح الله الأمير، موسوم بالميل، مشهور بالطاعة، خرج أخي مع ابن الأشعث فخلق على اسمي، وحرمت عطائي، وهدم منزلي، فقال: أما سمعت ما قال الشاعر:
جانيك من يجني عليك وقد ... تعدي الصحاح مبارك الجرب