للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولرب مأخوذ بذنب قرينه ... ونجا المقارف صاحب الذنب

قال: أيها الأمير، سمعت الله يقول غير هذا. قال: وما قال جل ثناؤه؟ قال: " قالوا يا أيها العزيز إن له أباً شيخاً كبيراً فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذاً لظالمون ". قال: يا غلام، اردد اسمه، وابن داره، وأعطه عطاءه، ومر منادياً ينادي: صدق الله وكذب الشاعر.

قال ابن عياش: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف: أما بعد، إذا ورد عليك كتابي هذا فابعث إلي برأس أسلم بن عبد البكري، لما قد بلغني عنه. قال: فلما ورد عليه كتاب أحضره، فقال: أعز الله الأمير، أمير المؤمنين الغائب وأنت الحاضر، قال الله تعالى: " يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ". وما بلغه عني فباطل، فاكتب إليه: إني أعول أربعاً وعشرين امرأة، ما لهن بعد الله كسب غيري. فقال: ومن لنا بتصديق ذلك؟ قال: هن بالباب أصلح الله الأمير. فأمر بإحضارهن فلما دخلن عليه جعل يسائلهن، فهذه تقول: عمته، والأخرى تقول: خالته، والأخرى: زوجته، إلى أن انتهى إلى جارية فوق الثمانية ودون العشارية فقال لها: من أنت منه؟ قالت: ابنته أصلح الله الأمير، ثم جثت بين يديه وأنشأت تقول:

أحجاج لم تشهد مقام بناته ... وعماته يندبنه الليل أجمعا

أحجاج كم تقتل به إن قتلته ... ثمانً وعشراً واثنتين وأربعا

أحجاج من هذا يقوم مقامه ... علينا فمهلاً أن تزدنا تضعضعاً

أحجاج إما أن تجود بنعمة ... علينا وإما أن تقتلنا معا

قال: فما استتمت كلامها حتى أسبل الحجاج دمعه من البكاء، وقال: والله لا أعنت الدهر عليكن، فلا زدتكن تضعضعا، وكتب إلى عبد الملك بخبر الرجل والجارية، فكتب

<<  <  ج: ص:  >  >>