إليه عبد الملك: إن كان كما ذكرت فأحسن له الصلة، وتفقد الجارية، وعجل بسراحهن ففعل ما أمره.
قال المدائني: أتي الحجاج بأسيرين ممن كان مع الأشعث، فأمر بضرب أعناقهما، فقال أحدهما: أصلح الله الأمير، إن لي عندك يداً. قال: ما هي؟ قال: ذكر ابن الأشعث يوماً أمك بسوء فنهيته. قال: ومن يعلم بذلك؟ قال: هذا الأسير الآخر. فسأله الحجاج فقال: قد كان ذلك. فقال له الحجاج: فلم لم تفعل كما فعل؟ قال: أينفعني الصدق عندك؟ قال: نعم. قال: لبغضك وبغض قومك. قال الحجاج: خلوا عن هذا لصدقه، وعن هذا لفعله.
قال الحجاج ليحيى بن يعمر الليثي: أتسمعني ألحن على المنبر؟ قال يحيى: الأمير أفصح الناس. - قال يونس: فصدق، كان أفصح الناس إلا أنه لم يكن يروي الشعر - قال: تسمعني ألحن؟ قال: حرفاً. قال: في أي؟ قال: في القرآن. قال: فذاك أشنع له. قال: ما هو؟ قال: تقول: " إن كان آباؤكم وأبناؤكم " الآية " أحب إليكم من الله ورسوله " بالرفع. قال: فبعث به إلى خراسان، وبها يزيد بن المهلب، فكتب يزيد إلى الحجاج: إنا لقينا العدو ففعلنا وفعلنا، واضطررناهم إلى عرعرة الجبل. فقال الحجاج: ما لابن المهلب وهذا الكلام! فقيل له: إن ابن يعمر عنده. فقال: ذلك إذاً أحرى.
وفي حديث آخر بمعناه: أن يحيى بن يعمر كان كاتب المهلب بخراسان فجعل الحجاج يقرأ كتبه فيتعجب منها، فقال: من هذا؟ فأخبر، فكتب فيه، فقدم، فرآه فصيحاً فقال: أنى ولدت؟ قال: بالأهواز. قال: فما هذه الفصاحة؟ قال: كان أبي نشأ في تنوخ، فأخذت ذلك عنه. قال: أخبرني عن عنبسة بن سعد يلحن؟ قال: كثيراً. قال: فأنا ألحن؟ قال: لحناً