للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوانه، واستعمل عليهم خيارهم، وجعل المال عند سمائحهم. وإذا أراد بهم شراً أمطروا في غير إبانه، واستعمل عليهم شرارهم، وجعل المال في أحشائهم، ومضى فأتيت منزلي فما وضعت ثيابي حتى جاءني رسول الحجاج، فأتيته وقد اخترط سيفه فهو في حجره فقال: ادن فدنوت قليلاً، ثم قال: ادن. فقلت: ليس لي دنو وفي حجر الأمير ما أرى، فأضحكه الله تعالى لي وأغمد السيف فقال: ما قال لك الخبيث؟ فقلت: والله ما غششتك منذ استنصحتني، ولا كذبتك منذ صدقتني، ولا خنتك منذ ائتمنتني. فأخبرته بما قال: فلما أردت ذكر الرجل الذي عنده المال، صرف وجهه وقال: لا تسمه. وقال: لقد سمع عدو الله الأحاديث!

قال عوف: خرجت يوم عيد فقلت: لأسمعن الليلة خطبة الحجاج، فجئت فجلست على الدكان، وجاء الحجاج يتمايل حتى صعد المنبر فتكلم، وكان إذا أكثر وضع يده على فيه حتى يفهمنا كلامه، ثم قال: يا أهل الشام إنكم حاججتم الناس ففلجتم عليهم بالسيف، وأن حكم الدنيا والآخرة فيكم واحد، وهو عدل لا يجوز فكما فلجتم عليهم في الدنيا كذلك تفلجون عليهم في الآخرة ثم قال: من كان سائلاً عن هذا الخليفة فليسأل الله عنه، كان لا يشاقه أحد ولا ينازعه إلا أتي برأسه وهو على فراشه مع أهله وولده، فمن كان سائلاً عنه أحداً منالناس فليسأل الله عز وجل عنه. تزعمون يا أهل العراق أن خبر السماء قد انقطع عن أمير المؤمنين وكذبتم والله يا أهل العراق، والله ما انقطع خبر السماء عنه إن عنده منه كذا وعنده منه كذا.

حدث بزيغ بن خالد الضبي قال: سمعت الحجاج يخطب فقال في خطبته: رسول أحدكم في حاجته أكرم عليه أم خليفته في أهله! فقلت في نفسي: لله علي ألا أصلي خلفك صلاة أبداً، وإن وجدت قوماً يجاهدونك لأجاهدنك معهم.

قال عاصم: سمعت الحجاج وهو على المنبر يقول: اتقوا الله ما استطعتم، ليس فيها مثوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>