قال سليمان بن علي الربعي: لما كانت فتنة ابن الأشعث، إذ قاتل الحجاج بن يوسف انطلق عقبة بن عبد الغافر وأبو الحوراء وعبد الله بن غالب في نفر من نظرائه، فدخلوا على الحسن فقالوا: يا أبا سعيد، ما تقول في قتال هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام، وأخذ المال الحرام، وترك الصلاة، وفعل وفعل؟ قال: وذكروا من فعال الحجاج. قال: فقال الحسن: أرى ألا تقاتلوه، فإنها إن تكن عقوبة من الله فما أنتم برادّي عقوبة الله بأسيافكم، وإن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين. فخرجوا من عنده وهم يقولون: نطيع هذا العلج! قال: وهم قوم عرب. وخرجوا مع ابن الأشعث. قال: فقتلوا جميعاً.
قال أبو التياح: شهدت الحسن وسعيد بن أبي الحسن حين أقبل ابن الأشعث، فكان الحسن ينهى عن الخروج على الحجاج ويأمر بالكف، وكان سعيد بن أبي الحسن يحضض. ثم قال سعيد، فيما يقول: ما ظنك بأهل الشام إذا لقيناهم غداً، فقلنا: والله ما خلعنا أمير المؤمنين، ولا نريد خلعه، ولكنا نقمنا عليه استعماله الحجاج فاعزله عنا. فلما فرغ سعيد من كلامه، تكلم الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إنّه والله ما سلط الله الحجاج عليكم إلا عقوبة، فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف، ولكن عليكم بالسكينة والتضرع، وأما ما ذكرت من ظنّي بأهل الشام، فإن ظني بهم أن لو جاؤوا فألقمهم الحجاج دنياه، لم يحملهم على أمر إلا ركبوه، هذا ظني بهم.
قال عمر بن عبد العزيز لعنبسة بن سعيد: أخبرني ببعض ما رأيت من عجائب الحجاج فقال: كنا جلوساً عنده ذات ليلة قال: فأتي برجل فقال: ما أخرجك في هذه الساعة؛ وقد قلت: لا آخذ فيها أحداً إلا فعلت به وفعلت؟! قال: أما والله لا أكذب الأمير، أغمي على أمي منذ ثلاث فكنت عندها، فأفاقت الساعة فقالت: يا بني، مذ كم أنت عندي فقلت لها: منذ ثلاث، قالت: أعزم عليك إلا رجعت إلى أهلك، فإنهم مغمومون بتخلفك عنهم، فكن عندهم الليلة وتعود إليّ غداً. فخرجت فأخذني الطائف. فقال: ننهاكم وتعصونا! اضربوا عنقه. ثم أتي برجل آخر فقال: ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: والله لا أكذبك، لزمني غريم لي على