قال حذيفة: أنا أعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي أن يكون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسرّ إلي شيئاً لم يحدّث به غيري، وكان ذكر الفتن في مجلس أنا فيه، فذكر ثلاثاً لا يذرن شيئاً، فما بقي من أهل ذلك المجلس غيري.
قال حذيفة: قام فينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقاماً ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنهليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره.
وفي رواية: فأذكر كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه.
وعن حذيفة قال: كنتم تسألون عن الرخاء، وكنت أسأله عن الشدة لأتقيها، ولقد رأيتني وما من يوم أحب إلي من يوم يشكو إلي فيه أهل الحاجة، إن الله إذا أحب عبداً ابتلاه، يا موت، غظ غيظك وشدّ شدك، أبى قلبي إلا حبك.
قال حذيفة بن اليمان: سألتني أمي: منذ متى عهدك بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فقلت لها: منذ كذا كذا. قال: فنالت مني وسبتني. قال: فقلت لها: دعيني حتى آتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأصلي معه المغرب، ثم لا أدعه حتى يستغفر لي ولك. قال: فأتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصليت معه المغرب، فصلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء، ثم انفتل فتبعته، فعرض له عارض فناجاه، ثم ذهب فاتبعته، فسمع صوتي فقال: من هذا؟ فقلت: حذيفة. فقال: ما لك؟ فحدثته بالأمر. فقال: غفر الله لك ولأمك، ثم قال: أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل؟ قال: قلت: بلى. قال: فهو ملك من الملائكة، لم يهبط إلى الأرض قط قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلم عليّ، ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.