قال: ما قلته. فقال عثمان: أنت أصدقهم وأبرهم، فلما خرج قلت: يا أبا عبد الله، ألم تقل ما قلته؟ قال: بلى، ولكني أشتري ديني ببعضه: مخاف أن يذهب كله.
قال بلال بن يحيى: بلغني أن حذيفة كان يقول: ما أدراك هذا الأمر أحد من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا قد اشترى بعض دينه ببعض، قالوا: فأنت؟ قال: وأنا، والله إني لأدخل على أحدهم وليس أحد إلا وفيه محاسن ومساوئ، فأذكر من محاسنه وأعرض عما سوى ذلك، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء فأقول: إني صائم ولست بصائم.
قال ربعي بن خراش: لما كانت الليلة التي حضر فيها حذيفة، جعل يقول، أي الليل هذا؟ قال: فقلنا له وجه السحر. فاستوى جالساً ثم قال: اللهم، إني أبرأ إليك من دم عثمان، والله ما شهدت ولا قتلت ولا مالأت على قتله.
وعن خالد بن ربيع العبسي قال: سمعنا توجع حذيفة، فركب إليه أبو مسعود الأنصاري في نفر أنا فيهم إلى المدائن، قال: فأتيناه في بعض الليل فقال: أي الليل ساعة هذه؟ قلنا: بعض الليل. لوجود الليل. قال: هل جئتم بأكفاني؟ قلنا: نعم. قال: فلا تغالوا بكفني، فإن يكن لصاحبكم عند الله خير يبدل خيراً من كسوتكم، وإلا تسلب سلباً سريعاً. قال: ثم ذكر عثمان فقال: اللهم لم أشهد، ولم أقتل، ولم أرض.
وعن ربعي بن خراش أنه حدثهم أن أخته وهي امرأة حذيفة قالت: لما كان ليلة توفي حذيفة، جعل يسألنا أي الليل هو؟ فنخبره، حتى كان السحر. قالت: فقال: أجلسوني. فأجلسناه، قال: وجهوني. فوجهناه، قال: اللهم إني أعوذ بك من صباح النار ومن مسائها.
قال ربعي بن خراش: قال حذيفة عند الموت: رب يوم أتاني الموت لم أسأل، أما اليوم فقد خالطت أشياء لا أدري علام أنا فيها؟ قال: وأوصى أبا مسعود فقال: عليك بما تعرف ولا تلون في أمر الله عز وجل.