وعن صالح بن حسان، أن حذيفة لما نزل به الموت قال: هذه آخر ساعة من الدنيا، اللهم، إنك تعلم أني أحبك، فبارك لي في لقائك. ثم مات.
قال أسد بن وداعة: لما مرض حذيفة مرضه الذي مات فيه قيل له: ما تشتهي؟ قال: أشتهي الجنة. قالوا: فما تشتكي؟ قال: الذنوب. قالوا: أفلا ندعو لك الطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، لقد عشت فيكم على خلال ثلاث: الفقر فيكم أحب إلي من الغنى. والضعة فيكم أحب إلي من الشرف، وإن من حمدني منكم ولامني في الحق سواء. ثم قال: أصبحنا؟ أصبحنا؟ قالوا: نعم. قال: اللهم، إني أعوذ بك من صباح النار، حبيب جاء على فاقة، فلا أفلح من ندم.
حدث جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال حذيفة حين حضره الموت: مرحباً بالموت وأهلاً، مرحباً بحبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم، اللهم إني لم أحب الدنيا لحفر الأنهار ولا لغرس الأشجار، ولكن لسهر الليل وظمأ الهواجر، وكثرة الركوع والسجود، والذكر لله عز وجل كثيراً، والجهاد في سبيله، ومزاحمة العلماء بالركب.
وعن زياد مولى ابن عياش عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: دخلت على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فقال: اللهم، إنك تعلم لولا أني أرى أن هذا اليوم أول يوم من أيام الآخرة، وآخر يوم من أيام الدنيا لم أتكلم بما أتكلم به، اللهم، إنك تعلم أني كنت أختار الفقر على الغنى، وأختار الذلة على العز، وأختار الموت على الحياة، حبيب جاء على فاقة، لا أفلح من ندم. ثم مات.
وتوفي حذيفة بعد عثمان بأربعين يوماً. وقيل: مات سنة ست وثلاثين. وقيل: قبل عثمان بأربعين ليلة.
قال حفص بن غياث: رأيت أبا حنيفة في المنام فقلت له: أي الآراء وجدت أفضل أو أحسن؟ قال: نعم الرأي رأي عبد الله، ووجدت حذيفة بن اليمان شحيحاً على دينه.