قال أبو زرعة: ورأيت أحمد بن محمد بن مدبر شديداً في الأرض، مذهبه فيها مذهب السلف في إيقافها.
قال: فحدثته بحديث أرويه عن الهيثم بن عمران قال: كتب هشام بن عبد الملك إلى كلثوم بن عياض وبلغه أن خالداً القسري اشترى أرضاً من أرض الغوطة بغير إذنه فقال: أتشتري أرضاً بغير إذني؟ فأمر سالماً الكاتب أن يكتب إلى كلثوم بن عياض: عزمت عليك ألا تضع كتابي من يدك حتى تغرم الوليد بن عبد الرحمن عاملي على الغوطة أربع مئة دينار، وتبعث بها إلي إذا اشتريت أرض بغير إذنه، وكتب إلى كلثوم أن اضرب وكيلي القسري مئة مئة. وأطفء بهما، ومر من ينادي عليهما: هذا جزاء من اشترى أرضاً بغير إذن أمير المؤمنين. وذلك أنه وجد فيما وضع عمر بن عبد العزيز حين استخلف قال: هل نهت الولاة قبلي عن شراء الأرض من أهل الذمة؟ قالوا: لم ينهوا. قال: فإني قد سلمت لمن اشترى، ولكن من اليوم أنهى عن بيعها، إنها أرض المسلمين، دفعت إلى أهل الذمة على أن يأكلوا منها ويؤدوا خراجها، وليس لهم بيعها، ومن اشترى بعد اليوم. فيعاقب البيع والمشتري، وترد الأرض إلى النبطي، ويؤخذ الثمن من المسلم، فيجعل في بيت المال، لما انتهكوا من المعصية، ويدخل المال الذي أخذ النبطي بيت مال المسلمين لما وضع عمر في ذلك الديوان فهي المدة. ما كان قبل المدة، يعني قبل عمر بن عبد العزيز، وما كان بعد المدة، يعني بعد عمر.
قال أبو زرعة:
فاستحسن أحمد بن محمد بن مدبر هذا الحديث، وأنكر العقوبة، فقلت له: لا تبتذله رأيه، وأخبرته بحديث رويته عن إسحاق بن مسلم، وكان عاملاً لعمر بن عبد العزيز على خراج الأردن. فكتب إلى عمر: أما بعد. فإني وجدت أرضاً من أرض أهل الذمة بأيدي أناس من المسلمين فما يرى أمير المؤمنين فيها؟ فكتب إليه أن تلك أرض أوقفها أول المسلمين على آخرهم، فامنع ذلك البيع. إن شاء الله والسلام.
وحدثته ما رويته عن القاسم بن زياد وعن عاملاً لعمر بن عبد العزيز على الغوطة، فكتب إلى عمر: أما بعد: فإن قبلنا أرضاً من أرض أهل الذمة بأيدي ناس من المسلمين قد