ابتاعوها منهم، وهم يؤدون العشر مما يخرج منها، أفضل مما كان عليها، فما يرى أمير المؤمنين؟ قال: وأنا أريد بدا وذات بدا، أرضاً من أرض الجبل اتخذها عمر، فكتب إليه عمر أن تلك أرض حبسها أول المسلمين على آخرهم، فليس لأحد أن يتمولها دونهم، فامنع ذلك البيع إن شاء الله.
قال أبو زرعة: فحدثت بهذا الحديث عبد الملك بن الأصبغ من أصحاب الوليد بن مسلم فأخبرني أن عمر بن عبد العزيز لم يمت عن ضيعة بقيت في يده غير بدا وحزين من أرض بعلبك، وأنه أورثها عشراً وعدلها على ذلك أبو جعفر المنصور فصارت بأيدي ورثة عمر.
قال أبو زرعة: فقال لي أحمد بن محمد بن مدبر: قد جاء فيها: من أخذ أرضاً بجزيتها فقد أتى بما يأتي به أهل الكتاب من الذل والصغار.
وأما قول الثوري فقد روي عن سفيان بن سعيد قال: إذا ظهر على بلاد العدو فالإمام بالخيار إن شاء قسم البلاد والأموال والسبي، بعد ما يخرج الخمس من ذلك، وإن شاء من عليهم فترك الأرض والأموال، وكانوا ذمة للمسلمين كما صنع عمر بن الخطاب بأهل السواد، فإن تركهم صاروا عهداً توارثوا وباعوا أرضهم.
قال يحيى بن آدم أحد رواة هذا الحديث: وسمعت حفص بن غياث يقول: تباع ويقضى بها الدين، وتقسم في المواريث.
وأما قول مالك فإنه ذهب إلى أن من أسلم من أهل الصلح فهو أحق بما له وأرضه، وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم فإن أرضه وماله للمسلمين، لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم وصارت فيئاً للمسلمين، وأما أهل الصلح فإنهم قوم منعوا أموالهم وأنفسهم حتى صالحوا عليها، فليس عليهم إلا ما صلحوا عليه.