وروى عنه يحيى بن عبد الله بن بكير قال: قال مالك: كل أرض فتحت صلحاً فهي لأهلها، لأنهم منعوا بلادهم حتى صالحوا عليها، وكل بلاد أخذت عنوة فهي فيء للمسلمين.
وقال يحيى بن آدم: كل أرض كانت لعبد الأوثان من العجم أو لأهل الكتاب من العجم أو العرب ممن يقبل منهم الجزية فإن أرضهم أرض خراج إن صالحوا على الجزية على رؤوسهم، والخراج على أرضيهم، فإن ذلك يقبل منهم، وإن ظهر عليهم المسلمون فإن الإمام يقسم جميع ما أجلبوا به في العسكر من كراع أو سلاح أو مال بعدما يخمسه، وهي الغنيمة التي لا يوقف شيء منها، وذلك قوله عز وجل:" ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه " وأما القرى والمدائن والأرض فهي فيء كما قال الله عز وجل: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " فالإمام بالخيار في ذلك: إن شاء وقفه وتركه للمسلمين، وإن شاء قسمه بين حضره.
قال أبو بكر الخطيب: اختلف الفقهاء في الأرض التي يغنمها المسلمون فيقهرون العدو عليها، فذهب بعضهم إلى أن الإمام بالخيار بين أن يقسمها على خمسة أسهم، فيعزل منها السهم الذي ذكره الله تعالى في آية الغنيمة فقال:" واعلموا أن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه " الآية. ويقسم السهام الأربعة الباقية بين الذين افتتحوها، فإن لم يختر ذلك وقف جميعها، كما فعل عمر بن الخطاب في أرض السواد.
وممن ذهب إلى هذا القول سفيان بن سعيد الثوري وأبو حنيفة النعمان بن ثابت.
وقال مالك: تصير الأرض وقفاً بنفس الاغتنام، ولا خيار فيها للإمام.