بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل
يقول: هم أصحاب كبر وتيه. والأشم: المرتفع. وإنما خص الأنف بذلك، لأن الأنفة والحمية والغضب فيه. ولم يرد بذلك طول الأنف. والعرب تقول: شمخ بأنفه. فيضرب المثل بالأنف للكبر والعزة. ومنه قوله عز وجل:" سنسمه على الخرطوم ". ومن الطراز الأول: يقول هم مثل آبائهم الأشراف المتقدمين، الذين لا تشبه خلائقهم وأفعالهم هذه الأفعال المحدثة.
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
يقول: إن منازلهم لا تخلو من الضياف والطراق والعفاة، فكلابهم لا تهر على من يقصد منازلهم. وقوله: لا يسألون عن السواد المقبل: أي هم في سعة لا يبالون كم نزل بهم من الناس، ولا يهولهم الجمع الكبير وهو السواد، إذا قصدوا نحوهم.
فلبثت أزماناً طوالاً فيهم ... ثم ادّكرت كأنني لم أفعل
أي: بقيت دهراً فيهم، ثم انتقلت فتذكرت ما كنت فيه، فكأنه شيء لم يكن، فلم يبق إلا الحديث والذكر.
إما تري رأسي تغير لونه ... شمطاً فأصبح كالثغام الممحل
يخاطب امرأة. والثغامة: شجرة بيضاء نورها وورقها كأنها القطن. شبه الشيب بها. والثغامة إذا قل المطر كان أشد لبياضها، لأنها تيبس وتجف، فيخلص بياضها ولا تخضر.
فلقد يراني الموعدي وكأنني ... في قصر دومة أو سواء الهيكل
يقول: كان يراني الذي يتوعدني ويتهددني في العز والمنعة، كأنني مع أولاد جفنة في دومة الجندل وهو منزل بالشام وأصحاب الحديث يقولونه بفتح الدال: دومة الجندل.