فارقتك. قال: فأعط ابنك هذه الأثواب البرود يستعن بها في فداء أخيه، فأعطاه خمسةً أيام قيمتها ألف دينار.
قال أبو عون: لما خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكة، مر بابن مطيع وهو يحفر بئره فقال له: أين فداك أبي وأمي؟ قال: أردت مكة. قال: وذكر له أنه كتب إليه شيعته بها، فقال له ابن مطيع: إني فداك أبي وأمي، متعنا بنفسك ولا تسر إليهم، فأبى حسين، فقال له ابن مطيع: إن بئري هذه قد رشحتها، وهذا اليوم أوار، ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة، قال: هات من مائها، فأتى من مائها في الدلو، فشرب منه ثم تمضمض ثم رده في البئر فأعذب وأمري.
وعن عكرمة عن ابن عباس: بينما هو يحدث الناس، إذ قام إليه نافع بن الأزرق فقال له: يا بن عباس تفتي الناس في النملة والقملة، صف لي إلهك الذي تعبد، فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله، وكان الحسين بن علي جالساً ناحية، فقال: إلي يا بن الأزرق، قال: لست إياك أسأل.
قال ابن عباس: يا بن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة، وهم ورثة العلم، فأقبل نافع نحو الحسين، فقال له الحسين: يا نافع، إن من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في التباس، سائلاً ناكباً عن المنهاج طاعناً بالاعوجاج، ضالاً عن السبيل، قائلاً غير الجميل، يا بن الأزرق: أصف إلهي بما وصف به نفسه، وأعرفه بما عرف به نفسه، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق، بعيد غير منتقص، يوحد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال.
فبكى ابن الأزرق وقال: يا حسين ما أحسن كلامك! قال له الحسين: بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعلي. قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين، لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام، ونجوم الأحكام.
فقال له الحسين: إني سائلك عن مسألة، قال: سل. فسأله عن هذه الآية: " وأما