وإذا هم رؤوس تلك الفتنة، فكان منهم من غزا عثمان، وكان منهم رجل يقال له: سودان بن حمران قتل عثمان بن عفان، وإذا منهم رجل حليف يقال له: جلد بن ملجم قتل علي بن أبي طالب، وإذا منهم معاوية بن حديج، فنهض في قوم منهم يتتبع قتلة عثمان يقتلهم، وإذا منهم قوم يهوون قتل عثمان، وكان فيهم حصين، وهو الذي حاصر ابن الزبير بمكة، ورمى الكعبة بالمنجنيق، فسترت بالخشب فاحترقت.
حدث جماعة، دخل حديث بعضهم في حديث بعض، قال: أمر يزيد مسلم بن عقبة وقال: إن حدث بك حدث فحصين بن نمير على الناس، فورد مسلم بن عقبة المدينة، فمنعوه أن يدخلها، فأوقع بهم وأنهبها ثلاثاً، ثم خرج يريد ابن الزبير، فلما كان بالمشلل نزل به الموت، فدعا حصين بن نمير فقال له: يا بردعة الحمار، لولا عهد أمير المؤمنين إلي فيك ما عهدت إليك، اسمع عهدي: لا تمكن قريشاً من أذنك ولا تزدهم على ثلاث: الوقاف ثم الثقاف ثم الانصراف. وأعلم الناس أن الحصين واليهم ومات مكانه، فدفن على ظهر المشلل لسبع بقين من المحرم سنة أربع وستين.
ومضى حصين بن نمير في أصحابه حتى قدم مكة، فنزل بالحجون إلى بئر ميمون، وعسكر هناك، فكان يحاصر ابن الزبير، فكان الحصر أربعة وستين يوماً يتقاتلون فيها أشد القتال، ونصب الحصين المنجنيق على ابن الزبير، فكان الحصر أربعة وستين يوماً يتقاتلون فيها أشد القتال، ونصب الحصين المنجنيق على ابن الزبير وأصحابه، ورمى الكعبة، وقتل من الفريقين بشر كثير، وأصاب المسور فلقة من حجر المنجنيق، فمات ليلة جاء نعي يزيد بن معاوية، وذلك لهلال ربيع الآخر سنة أربع وستين.
فكلم حصين بن نمير ومن معه من أهل الشام عبد الله بن الزبير: إن يدعهم يطوفوا بالبيت وينصرفوا عنه، فشاور في ذلك أصحابه، ثم أذن لهم، فطافوا.