فأخذت الخمس مئة دينار ونظرت، فإذا جمل مرحول، فوضعت رجلي في الغرز وسرت إحدى عشرة ليلة، فلما كان اليوم الثاني عشر، وافيت باب هشام، واستأذنت فأذن لي، فدخلت عليه في دار قوراء مفروشة بالرخام، بين كل رخامتين قصبة من ذهب، حيطانها على ذلك العمل، وإذا هشام جالس على طنفسة خز حمراء مضمخة بالعبير، فسلمت عليه فاستدناني حتى قبلت رجله وأجلسني، فإذا أنا بجاريتين لم أر مثلهما قبلهما، في أذن كل واحدة منهما حلقة من ذهب، فيها جوهرة تتوقد، فقال لي: يا حماد، كيف أنت؟ وكيف حالك؟ قلت: بخير يا أمير المؤمنين. قال: أتدري لم بعثت إليك؟ قلت: لا. قال: بعثت إليك لبيت خطر ببالي لم أدر من قائله، قلت: وما هو؟ قال: من الخفيف
فدعت بالصّبوح يوماً فجاءت ... قينةٌ في يمينها إبريق
قلت: هذا يقوله عدي بن زيد العبادي في قصيدة له. قال: أنشدنيها، فأنشدته: من الخفيف
بكر العاذلون في وضح الصّب ... ح يقولون ماله لا يفيق
ويلومون فيك يا بنة عبد الله ... والقلب عندكم معلوق
لست أدري إذا أكثروا العذ ... ل عندي، أعدوٌّ يلومني أم صديق