للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ناداهما ربهما فقال: يا آدم، فقال: يا رب، أنذا عريان، قال له: ومم ذلك؟ إنك عريان من أجل أنك أكلت من الشجرة التي نهيت أن تأكل منها، يا آدم، حرام على الأرض أن تطعمك شيئاً إلا برشح الجبين أيام حياتك، حتى ترجع إلى الأرض التي أخذت منها، فاعتل آدم بحواء فقال: هي أطعمتني وأكلت، قال: اهبطوا منها جميعاً.

وقال عطاء:

إن الله تعالى كان أمر آدم ألا يأكل من تلك الشجرة، ولم تعرف حواء تلك الشجرة، فجاء إبليس إلى سرح الجنة فعرض نفسه عليهم، فأبى أحد منهم أن يقبله، فجاء إلى الحية فتنفس الصعداء، فقالت الحية: يا إبليس، مالك؟ وذلك أن إبليس كان قبل ذلك أحسن ملائكة أهل سماء الدنيا وجهاً وأشدهم عبادة وأعلمهم.

فقال الله: اهبط منها واخرج منها، يعني من صورة الملائكة إلى صورة الأبالسة، فتحول إبليس عن صورته، فسمي إبليس لأنه أبلس فصار ملعوناً، فصار ذقنه مما يلي جبينه، وجبينه مما يلي ذقنه، ومنخراه مما يلي عينيه، وجفون عينيه شقهما مما يلي رأسه، وتحول أصابعه مما يلي زنديه وأصابع رجليه مما يلي عقبيه وصار شعره ناتئاً في رأسه منكوشاً كأنه أجمة.

قال: فلما رأته الحية رقت له، وتنفس الصعداء إبليس، فقالت له: ما بك يا إبليس؟ فقال لها: ليس على نفسي احزن، لقد نزل بي ما ترين، ولكن أحزن عليك أن ينزل بك من هذا مثل الذي نزل بي، فقالت الحية: ما أنا بآمنة منه، فقال لها: هل لك، ويلك، أن تحمليني بين شدقيك فتدخليني الجنة، فإن الخزان لا يدعونني أن أدخلها ظاهراً، وإذا كنت بين شدقيك لم يروني، وأنا أغويه حتى أخرجه من الجنة.

فقالت: نعم، ففغرت فاها فاحتملته بين شدقيها ثم دخلت الجنة، فجاءت الحية إلى حواء، فقالت لها: وإبليس يقول لها على لسان الحية، يا حواء، ما نهاكما ربكما في الجنة؟ قالت: شجرة أمرنا ألا نقربها. قال: فأين تلك الشجرة؟ قالت: إنما علم بذلك آدم،

<<  <  ج: ص:  >  >>