للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال إبليس بلسان الحية: قد ترين سعة الجنة، وأنا لك ناصحة، فلعلك فيما تجولين في الجنة وليس معك آدم فتنتهين إلى تلك الشجرة، فتأكلين فتخرجين من الجنة، ويبقى آدم، أفلا تسألين آدم أن يخبرك: أي شجرة نهانا ربنا عنها؟ فقال لها: ويلك مالك وذاك؟ إن ربي أمرني ألا أعلمها أحداً، فقالت: فلعلي أفارقك في بعض ما أجول في الجنة، فآكل منها، فأخرج منها وتبقى أنت فيها، فرق لها، وخاف عليها، فانطلق بها إلى الشجرة، فقال: هذه.

فانصرف عنها إبليس، فجاءت الحية إليها فقال لها إبليس على لسان الحية: أخبرك آدم عن الشجرة؟ قالت: نعم، فقال: أي شجرة هي؟ قالت هذه التي في وسط الجنة، ثم سكت عنها إبليس حتى نسيت.

ثم جاء وهو في الحية إلى آدم فقال: يا آدم، أخبرك ربك أن في الجنة شجرة من أكل منها خلد في الجنة، وصار ملكاً يعلم كل شيء؟ قال: لا، قال: فيسرك أن أريك؟ قال: نعم، فانطلق به إلى الشجرة التي نهي عنها، فعجب فقال: إن ربي نهاني عنها، وقال: لا تخبر أحداً بهذه الشجرة، ولم أخبر بها أحداً غيرك يا حواء، فمن أين علم هذا؟ فقال عند ذلك: يا آدم، وحلف له: إني لكما لمن الناصحين، هذه شجرة الخلد وملك لا يبلى، فلما أن حلف قال آدم لحواء: فأنا أدع أكل هذه الشجرة، فقالت حواء: أما ترى إلى يمينه بالله إنه لنا لمن الناصحين؟ وذلك أنهما لم يريا أحداً يحلف بالله، ولا علما أن أحداً يحلف بالله كاذباً، قال: فابتدرت حواء فأكلت ثم ناولت آدم فأكل منها، فبدت سوءاتهما.

قال وهب بن منبه: كان لباس آدم وحواء النور، لا يرى هذا عورة هذا، ولا هذا عورة هذا، وهو قول الله عز وجل: " ينزع عنهما لباسهما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>