قال محمد بن منصور: لم يكن لخالد بن برمك أخ إلا بنى له داراً على قدر كفايته وأوقف على أولادهم من ماله، وما كان لأحدهم ولد إلا من جارية هو وهبها له.
قال أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان: هجا أبو سماعة المعيطي خالد بن برمك وكان إليه محسناً، ولي يحيى الوزارة دخل إليه أبو سماعة فيمن دخل من المهنئين فقال له: أنشدني الأبيات التي قلتها. قال: ما هي؟ قال قولك: من الخفيف.
زرت يحيى وخالداً مخلصاً لله ... ديني فاستصغرا بعض شاني
فلو أني ألحدت في الله يوماً ... ولو أني عبدت ما يعبدان
ما استخفّا فيما أظنّ بشأني ... ولأصبحت منهما بمكان
إنّ شكلي وشكل من جحد الله ... وآياته لمختلفان
قال أبو سماعة: ما أعرف هذا الشعر ولا من قاله. قال له يحيى: ما تملك صدقة إن كنت تعرف من قالها؟ فحلف، فقال يحيى: وامرأتك طالق؟ فحلف.
فأقبل يحيى على الغساني ومنصور بن زياد ومن كان حاضراً في المجلس فقال: ما أحسبنا إلا وقد احتجنا أن نجدد لأبي سماعة منزلاً وآلة وخرثياً ومتاعاً، يا غلام: ادفع له عشرة آلاف درهم وتختاً فيه عشرة أثواب فدفع إليه.
فلما خرج تلقاه أصحابه يهنئونه ويسألونه عن أمره فقال: ما عسيت أن أقول إلا أنه ابن الزانية، أبى إلا كرماً.
فبلغت يحيى كلمته من ساعته، فأمر برده، فحضر فقال له: يا أبا سماعة لم تعرف