من هجانا، لم تعرف من شتمنا؟ قال له أبو سماعة: ما عرفته أيها الوزير، حسدت وكذب علي، فنظر إليه يحيى ملياً ثم أنشأ يقول: من الوافر
إذا ما المرء لم يخدش بظفرٍ ... ولم يوجد له إن عضّ ناب
رجا فيه الغميزة من بغاها ... وذلّل من مراتبه الصّعاب
قال أبو سماعة: كلا أيها الوزير، ولكنه كما قال:
لن يبلغ المجد أقوامٌ وإن شرفوا ... حتى يذلّوا وإن عزّوا لأقوام
ويشتموا فترى الألوان مسفرةً ... لا صفح ذلٍّ ولكن صفح أحلام
فتبسم يحيى وقال: إنا قد عذرناك، وعلمنا أنك لم تدع مساوئ شيمك، ولؤم طبعك، فلا أعدمك الله ما جبلك عليه من مذموم أخلاقك، ثم تمثل: من الوافر.
متى لم تتّسع أخلاق قومٍ ... يضق بهم الفسيح من البلاد
إذا ما المرء لم يوجد لبيباً ... فليس اللّبّ عن قدم الولاد
ثم قال: هو والله كما قال عمر بن الخطاب: المؤمن لا يشفى غيظه.
ثم إن أبا سماعة هجا بعد ذلك سليمان بن أبي جعفر، وكان إليه محسناً، فأمر به الرشيد فحلق رأسه ولحيته.
مات خالد بن برمك سنة خمس ومئة، ومولده سنة تسعين، وهو ابن خمس وسبعين سنة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute