للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسميه وتتابع وليه، وأخذت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق، فهو في أحسن منظر وأحسن مختبر وأحسن مستمطر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، حتى لو أن مضغة ألقيت فيه لم تترب، وكان قد أعطي فتاء السن مع الكثرة والغلبة والنماء، فنظر فأبعد النظر، فقال لمن حوله: هل رأيتم مثلما أنا فيه؟ هل أعطي أحد مثلما أعطيت؟ وعنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضي على أدب الحق ومنهاجه، فقال له: أيها الملك! إنك قد سألت عن أمر أفتأذن في الجواب؟ قال: نعم، قال: أرأيتك هذا الذي قد أعجبت به؟ أهو شيء لم تزل فيه أم هو شيء صار إليك ميراثاً عن غيرك، وهو زائل عنك وصائر إلى غيرك كما صار إليك؟ قال: فكذلك هو.

قال: أفلا أراك إنما أعجبت بشيء يسيرٍ تكون فيه قليلاً وتغيب عنه طويلاً، وتكون غداً بحسابه مرتهناً؟ قال: ويحك، فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ قال: إما أن تقيم في ملكك فتعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرك، ومضك وأرمضك، وإما أن تضع تاجك وتضع أطمارك وتلبس أمساحك وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك.

قال: فإذا كان السحر فاقرع علي بابي، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيراً لا يعصى، وإن اخترت خلوات الأرض وقفر البلاد كنت رفيقاً لا يخالف.

فلما كان السحر قرع عليه بابه فإذا هو قد وضع تاجه، ووضع أطماره ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة، فلزما الجبل حتى أتتهما آجالهما، وذلك حيث يقول أخو بني تميم عدي بن زيد العبادي المرئي: من الخفيف

أيها الشّامت المعيّر بالدّه ... ر أأنت المبرّأ الموفور؟

<<  <  ج: ص:  >  >>