قال الأصمعي: دخل أعرابي على خالد القسري فقال: أصلح الله الأمير، إني قد امتدحتك ببيتين ولست أنشدكهما إلا بعشرة آلاف وخادم، فقال له خالد: قل، فأنشأ يقول: من الطويل
لزمت، نعم، حتى كأنك لم تكن ... سمعت من الأشياء شيئاً سوى نعم
وأنكرت، لا، حتى كأنك لم تكن ... سمعت بها في سالف الدهر والأمم
فقال خالد بن عبد الله: يا غلام عشرة آلاف وخادماً يحملها.
قال: ودخل عليه أعرابي، فقال: إني قد قلت فيك شعراً، وأنشأ يقول. من الطويل
أخالد إني لم أزرك لحاجةٍ ... سوى أنني عافٍ وأنت جواد
أخالد إنّ الأجر والحمد حاجتي ... فأيّهما تأتي فأنت عماد
فقال له خالد: سل يا أعرابي. قال: قد جعلت المسألة إلي؟ قال: نعم. قال: مئة ألف درهم. قال: أكثرت يا أعرابي. قال: أفأحطك، أصلح الله الأمير؟ قال: نعم. قال: قد حططتك تسعين ألف درهم. قال له خالد: يا أعرابي، ما أدري من أي أمريك أعجب؟! فقال له: أصلح الله الأمير، إنك لما جعلت المسألة إلي سألتك على قدرك، وما تستحقه في نفسك، فلما سألتني أن أحط حططتك على قدري وما أستأهله في نفسي. فقال له خالد: والله يا أعرابي لا تغلبني، يا غلام: مئة ألف، فدفعها إليه.
قال يونس بن حبيب النحوي: دخل أعراب على خالد بن عبد الله فأنشدوه، وفيهم رجل ساكت لا ينطق، ثم قال