ولحقت بعبد القيس بالبحرين، واجتمعت بكر بن وائل إلى خالد بن المعمر، فلما تثاقلت ربيعة تثاقلت العرب أيضاً، فضاق معاوية بذلك ذرعاً، فبعث إلى خالد، فقدم عليه، فلما دخل إليه رحب به وقال: كيف ما نحن فيه؟ قال: أرى ملكاً طريفاً وبغضاً تليداً. فقال معاوية: قل ما بدا لك فقد عفونا عنك، ولكن ما بال ربيعة أول الناس في حربنا وآخرهم في سلمنا؟ قال له خالد: إنما أتيتك مستأمنا ولم آتك مخاصماً، وإن ربيعة إن تدخل في طاعتك تنفعك، وإن تدخل كرها تكن قلوبها عليك وأبدانها لك، فأعط الأمان عامتهم، شاهدهم وغائبهم، وأن ينزلوا حيث شاؤوا، فقال: أفعل، فانصرف خالد إلى قومه بذلك.
ثم إن معاوية بدا له فبعث إلى خالد فدعاه، فلما دخل إليه قال: كيف حبك لعلي؟ قال: اعفني يا أمير المؤمنين مما أكره، فأبى أن يعفيه فقال: أحبه والله على حلمه إذا غضب، ووفائه إذا عقد، وصدقه إذا أكد، وعدله إذا حكم.
ثم انصرف ولحق بقومه، وكتب إلى معاوية: من الطويل
معاوي لا تجهل علينا فإننا ... يدٌ لك في اليوم العصيب معاويا