وتصمني فإني مبتلى، وتنالني برحمتك فإني مذنب، وتنفي عني الفقر فإني مستمسك؛ إلا كان حقاً على الله أن لا يرد يديه خائبتين.
قال خصيف: كنت مع مجاهد، فرأيت أنس بن مالك، فأردت أن آتيه، فمنعني مجاهد فقال: لا تذهب إليه فإنه يرخص في الطلاء. قال: فلم ألقه ولم آته. قال عتاب: فقلت لخصيف: ما أحوجك إلى أن تضرب كما يضرب الصبي بالدرة! تدع أنس بن مالك صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقيم على كلام مجاهد؟! قال الأوزاعي: خرج مكحول وعطاء الخراساني يريدان هشام بن عبد الملك يطلبان صلته، فأتيا الباب، فلم يؤذن لهما، فقال عطاء لمكحول: ادخل بنا المسجد حتى يؤذن لنا، فدخلا، فإذا علماء القوم حلق حلق، وإذا بخصيف الجزري أعظمهم حلقةً وهو أصغرهم سناً، فجلسا إليه، فقال له مكحول: حدثنا يرحمك الله، فأومى بوجهه إلى ناحية أخرى فقال: حدثنا رحمك الله فهذا عطاء الخراساني وأنا مكحول الدمشقي، فالتفت إليهما فقال: كان العلماء لا يعرفون، فإذا عرفوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا. قال عطاء لمكحول: عظة والله! فركبا رواحلهما ولم يدخلا على هشام.
وفي حديث آخر بمعناه: فبلغ ذلك هشاماً، فبعث بالجائزة في طلبهم.
قال الواقدي: كان خصيف وخصاف ومخصف وعبد الكريم الجزري موالي معاوية، وكانوا من الخضارمة؛ وكان خصاف أفضلهم وأعبدهم. ومات خصيف سنة سبع وثلاثين ومئة.