للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكرني ولا ينساني، قال: يا رب! فأي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه، عسى أن يصيب كلمة تهديه إلى هدى، أو ترده عن ردى؛ قال: رب! فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى، قال: ومن ذلك يا رب؟ قال ذاك الخضر، قال: وأين أطلبه؟ قال: على الساحل عند الصخرة التي ينفلت عندها الحوت.. الحديث..

وفي حديث آخر بمعناه: وكان فتى موسى يوشع بن نون كما يقال. والله أعلم وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال أخي موسى: يا رب ذكر كلمة فأتاه الخضر وهو فتى طيب الريح، حسن بياض الثياب، مشمرها فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران، إن ربك يقرأ عليك السلام، قال موسى: هو السلام وإليه السلام، والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته، ثم قال موسى: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك؟ قال الخضر: يا طالب العلم، إن القائل أقل ملالةً من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حادثتهم، واعلم أن قلبك وعاء، فانظر ماذا تحشو به وعاءك؛ واعزف عن الدنيا وانبذها وراءك فإنها ليست لك بدار، ولا لك فيها محل قرار، وإنما جعلت بلغةً للعباد، والتزود منها للمعاد، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم؛ يا موسى، تفرغ للعلم إن كنت تريده، فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكن مكثاراً بالمنطق مهذاراً، فإن كثرة المنطق تشين العلماء، وتبدي مساوىء السخفاء، ولكن عليك بالاقتصاد، فإن ذلك من التوفيق والسداد؛ وأعرض عن الجهال وباطلهم، واحلم عن السفهاء، فإن ذلك فعل الحكماء وزين العلماء إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلماً، وجانبه حزماً، فإن ما بقي من جهله عليك وسبه إياك أكثر وأعظم؛ يا بن عمران، ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلا، فإن الاندلاث والتعسف من الاقتحام والتكلف؛ يا بن عمران، لا تفتحن باباً لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه؛ يا بن عمران، من لا تنتهي من الدنيا

<<  <  ج: ص:  >  >>