الميدان، فلم يخرج منها إلا ميتاً. وبايع الناس كلهم لأبي الجيش، وأعطاهم البيعة، وأخرج مالاً عظيماً ففرقه على الأولياء وسائر الناس.
وصحت البيعة لأبي الجيش يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ذي القعدة سنة سبعين ومئتين.
قال أبو علي الحسين بن أحمد المادرائي: كان أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون يتنزه في مرج عذراء بدمشق، وكان أبو زنبور عامل أبي الجيش. قال: فغنى له المعزفاني في الليل صوتاً أبدل فيه كلمةً؛ والصوت:
قد قلت لما هاج قلبي الذكرى ... وأعرضت وسط السماء الشعرى
كأنها ياقوتة في مذرى ... ما أطيب العيش بسر من را
فجعله المعزفاني: ما أطيب الليل بمرج عذرا فأمر له أبو الجيش بمئة ألف دينار؛ قال أبو زنبور: فقلت: أيها الأمير، تعطي مغنياً في بدل كلمة ألف دينار وتضايق المعتضد!؟ قال: فقال لي: فكيف أعمل وقد أمرت وليس أرجع؟ فقلت له: تجعلها مئة ألف درهم، وما بقي له تقسطها في سنين يعني المائة ألف دينار حتى تصير إليه.
قال أبو محمد: حدثني أبي قال: كنت مع أبي الجيش وهو في الصيد على نهر ثورا بدمشق، فانحدر من الجبل أعرابي